الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } * { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } * { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ }

{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون } قال ابن عباس: غير مقطوع، وقيل: غير منقوص، وقيل: غير ممنون عليهم به، وقيل: غير محسوب. قيل نزلت هذه الآية في المرضى والزمنى والهرمى إذا عجزوا عن العمل والطاعة يكتب لهم الأجر كأصح ما كانوا يعملون فيه خ عن أبي موسى الأشعري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول " إذا كان العبد يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر كتب الله تعالى له كصالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ". قوله عز وجل: { قل أئنكم } استفهام بمعنى الإنكار وذكر عنهم شيئين منكرين أحدهما الكفر بالله تعالى وهو قوله تعالى { لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين } وثانيهما { وتجعلون له أنداداً } إثبات الشركاء والأنداد له والمعنى كيف يجوز جعل هذه الأصنام الخسيسة أنداداً لله تعالى مع أنه تعالى هو الذي خلق الأرض في يومين يعني الأحد والاثنين { ذلك رب العالمين } أي هو رب العالمين وخالقهم المستحق للعبادة لا الأصنام المنحوتة من الخشب والحجر { وجعل فيها رواسي } أي جبالاً ثوابت { من فوقها } أي من فوق الأرض { وبارك فيها } أي في الأرض بكثرة الخيرات الحاصلة فيها وهو ما خلق فيها من البحار والأنهار والأشجار والثمار وخلق أصناف الحيوانات وكل ما يحتاج إليه { وقدر فيها أقواتها } أي قسم في الأرض أرزاق العباد والبهائم وقيل قدر في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة وقيل قدر البر لأهل قطر من الأرض والتمر لأهل قطر آخر والذرة لأهل قطر والسمك لأهل قطر وكذلك سائر الأقوات. قيل إن الزراعة أكثر الحرف بركة لأن الله تعالى وضع الأقوات في الأرض قال الله تعالى: { وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام } أي مع اليومين الأولين فخلق الأرض في يومين وقدر الأقوات في يومين وهما يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فصارت أربعة أيام رد الآخر على الأول في الذكر { سواء للسائلين } معناه سواء لمن سأل عن ذلك أي فهكذا الأمر سواء لا زيادة فيه ولا نقصان جواباً لمن سأل في كم خلقت الأرض والأقوات { ثم استوى إلى السماء } أي عمد إلى خلق السماء { وهي دخان } ذلك الدخان كان بخار الماء، قيل كان العرش قبل خلق السموات والأرض على الماء فلما أراد الله تعالى أن يخلق السموات والأرض أمر الريح فضربت الماء فارتفع منه بخار كالدخان فخلق منه السماء ثم أيبس الماء فخلقه أرضاً واحدة ثم فتقها فجعلها سبعاً. فإن قلت هذه الآية مشعرة بأن خلق الأرض كان قبل خلق السماء وقوله { والأرض بعد ذلك دحاها } مشعر بأن خلق الأرض بعد خلق السماء فكيف الجمع بينهما.

السابقالتالي
2