الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ مُوسَىٰ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُـمْ مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لاَّ يُؤْمِنُ بِيَوْمِ ٱلْحِسَابِ } * { وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ ٱللَّهُ وَقَدْ جَآءَكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ ٱلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ } * { يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ }

{ وقال موسى } يعني لما توعده فرعون بالقتل { إني عذت بربي وربكم } يعني أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يأت في دفع الشدة إلا بأن استعاذ بالله واعتمد عليه فلا جرم أن صانه الله عن كل بلية { من كل متكبر } أي متعظم عن الإيمان { لا يؤمن بيوم الحساب } قوله عز وجل: { وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه } قيل كان ابن عم فرعون وقيل كان من القبط وقيل كان من بني إسرائيل، فعلى هذا يكون معنى الآية وقال رجل مؤمن يكتم إيمانه من آل فرعون وكان اسم هذا المؤمن حزبيل عند ابن عباس وأكثر العلماء وقال إسحاق كان اسمه جبريل وقيل حبيب { أتقتلون رجلاً أن يقول } أي لأن يقول { ربي الله } وهذا استفهام إنكار وهو إشارة إلى التوحيد وقوله { وقد جاءكم بالبينات من ربكم } فيه إشارة إلى تقرير نبوته بإظهار المعجزة والمعنى وقد جاءكم بما يدل على صدقه { وإن يك كاذباً فعليه كذبه } أي لا يضركم ذلك إنما يعود وبال كذبه عليه { وإن يك صادقاً } أي فكذبتموه { يصبكم بعض الذي يعدكم } قيل معناه يصبكم الذي يعدكم إن قتلتموه وهو صادق، وقيل بعض على أصلها ومعناه كأنه قاله على طريق الاحتجاج أقل ما في صدقه أن يصيبكم بعض الذي يعدكم وفيه هلاككم فذكر البعض ليوجب الكل { إن الله لا يهدي } يعني إلى دينه { من هو مسرف كذاب } أي على الله تعالى خ عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه وخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال { أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم }. قوله عز وجل: { يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض } يعني غالبين في الأرض أي أرض مصر { فمن ينصرنا } يعني يمنعنا { من بأس الله إن جاءنا } والمعنى لكم الملك فلا تتعرضوا لعذاب الله بالتكذيب وقتل النبي فإنه لا مانع من عذاب الله تعالى إن حل بكم { قال فرعون ما أريكم } أي من الرأي والنصيحة { إلا ما أرى } يعني لنفسي { وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } أي ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى ثم حكى الله تعالى أن مؤمن آل فرعون رد على فرعون هذا الكلام وخوفه أن يحل به ما حل بالأمم قبله بقوله: { وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم }.