الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَٰلِداً فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }

قوله عز وجل: { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم } نزلت في مقيس بن صبابة الكناني وكان قد أسلم هو وأخوه هشام فوجد أخاه هشاماً قتيلاً في بني النجار فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني فهر إلى بني النجار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صبابة أن تدفعوه إلى أخيه مقيس فيقتص منه وأنت لم تعلموه ادفعوا إليه ديته فبلغهم الفهري ذلك فقالوا سمعاً وطاعة لله ولرسوله ما نعلم له قاتلاً ولكن نؤدي إليه ديته فأعطوه مائة من الإبل فانصرفا راجعين نحو المدينة فأتى الشيطان مقيساً فوسوس إليه فقال له: تقبل دية أخيك لتكون عليك سبة أقتل الفهري الذي معك فتكون نفس مكان نفس وفضل الدية فتغفل الفهري فرماه بصخرة فقتله ثم ركب بعيراً من الإبل وساق بقيتها راجعاً إلى مكة كافراً وقال في ذلك:
قتلت به فهراً وحملت عقله سراة بني النجار أرباب قارع وأدركت ثأري واضطجعت موسداً وكنت إلى الأصنام أول راجع   
فنزلت فيه ومن يقتل مؤمناً متعمداً يعني قاصداً لقتله فجزاؤه جهنم { خالداً فيها } يعني بكفره وارتداده وهو الذي استثناه النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة عمن أمنه من أهلها فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة { وغضب الله عليه } يعني لأجل كفره وقتله المؤمن متعمداً { ولعنه } يعني طرده عن رحمته { وأعد له عذاباً عظيماً } اختلف العلماء في حكم هذه الآية هل هي منسوخة أم لا؟ وهل لمن قتل مؤمناً متعمداً توبة؟ أم لا فروي عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس ألمن قتل مؤمناً متعمداً من توبة قال لا؟ فتلوت عليه الآية التي في الفرقان والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر:ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلاّ بالحق } [الفرقان: 68] إلى آخر الآية قال هذه آية مكية نسختها آية مدنية، ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم وفي رواية قال اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت إلى ابن عباس قال نزلت في آخر ما نزل ولم ينسخها شيء وفي رواية أخرى. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية بالمدينة والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر إلى قوله مهاناً فقال المشركون وما يعني عنا الإسلام وقد عدلنا بالله وقد قتلنا النفس التي رحم الله وأتينا الفواحش فأنزل الله تعالى:إلاّ من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً } [الفرقان: 70] إلى آخر الآية زاد في رواية فأما من دخل في الإسلام وعقله ثم قتل فلا توبة له أخرجاه في الصحيحين. وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه ناظر ابن عباس في هذه الآية فقال من أين لك أنها محكمة؟ فقال ابن عباس تكاثف الوعيد فيها وقال ابن مسعود إنها محكمة وما تزداد إلاّ شدة وعن خارجة بن زيد قال سمعت زبيد بن ثابت يقول أنزلت هذه الآية ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها بعد التي في الفرقان والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله بالحق بستة أشهر.

السابقالتالي
2 3