الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم } يعني سوف ندخلهم يوم القيامة { جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } يعني باقين فيها { أبداً } يعني ذلك الخلود بغير نهاية ولا انقطاع { لهم فيها } يعني في الجنات { أزواج مطهرة } يعني مطهرات من الحيض والنفاس وسائر أقذار الدنيا { وندخلهم ظلاً ظليلاً } كنيناً ذلك الظل لا تنسخه الشمس ولا يؤذيهم فيه حر ولا برد وذلك الظل هو ظل الجنة. فإن قلت إذا لم يكن في الجنة شمس يؤذي حرها فما فائدة وصفها بالظل الظليل؟ قلت إنما خاطبهم بما يعقلون ويعرفون وذلك لأن بلاد العرب في غاية الحرارة فكان الظل عندهم من أعظم أسباب الراحة واللذة فهو كقوله ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً. قوله عز وجل: { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } قال البغوي نزلت في عثمان بن طلحة الحجبي من بني عبد الدار وكان سادن الكعبة فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح فقيل له: إنه مع عثمان فطلب منه رسول الله المفتاح فأبى وقال لو علمت إنه رسول الله لم أمنعه المفتاح فلوى علي بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح وأن يجمع له بين السقايا والسدانة فأنزل الله هذه الآية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ففعل ذلك فقال له عثمان: أكرهت ثم جئت ترفق فقال علي لقد أنزل الله عز وجل في شأنك قرآناً وقرأ عليه الآية فقال عثمان: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فأسلم فكان المفتاح معه إلى أن مات فدفعه إلى أخيه شيبه فالمفتاح والسدانة في أولادهم إلى يوم القيامة. قلت وفيما ذكره البغوي رحمه الله من إسلام عثمان بن طلحة يوم الفتح ومنعه المفتاح وقوله لو أعلم أنه رسول الله لم أمنعه المفتاح نظر والصحيح ما حكاه أبو عمر بن عبد البر وابن منده وابن الأثير أن عثمان بن طلحة هاجر إلى المدينة في هدنة الحديبية سنة ثمان مع خالد بن الوليد ولقيهما عمرو بن العاص مقبلاً من عند النجاشي فرافقهما وهاجر معهما فلما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم: قال رمتكم مكة بأفلاذ كبدها يعني أنهم وجوه أهل مكة فأسلموا وسلم عثمان بن طلحة المفتاح للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فرده النبي صلى الله عليه وسلم إليه وقال

السابقالتالي
2 3