الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً } * { يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ ٱلإِنسَانُ ضَعِيفاً } * { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَٰلَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَٰطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }

قوله تعالى: { يريد الله ليبين لكم } اللام في قوله ليبين معناه أن يبين وقيل معناه يريد إنزال هذه الآيات من أجل أن يبين لكم دينكم ويوضح لكم شرعكم ومصالح أموركم وقيل يبين لكم ما يقربكم منه وقيل يبين أن الصبر على نكاح الإماء خير لكم { ويهديكم } أي ويرشدكم { سنن الذين من قبلكم } أي شرائع من قبلكم في تحريم الأمهات والبنات والأخوات فإنها كانت محرمة على من قبلكم وقيل معناه يرشدكم إلى ما لكم فيه مصلحة كما بينه لمن كان قبلكم، وقيل معناه ويهديكم إلى الملة الحنيفية وهي ملة إبراهيم عليه السلام و { يتوب عليكم } يعني ويتجاوز عنكم ما أصبتم قبل أن يبين لكم ويرجع بكم عن المعصية التي كنتم عليها إلى طاعته، وقيل لما بين لنا أمر الشرائع والمصالح وأرشدنا إلى طاعته فربما وقع منا تقصير وتفريط فيما أمر به وبينه فلا جرم أنه تعالى قال ويتوب عليكم { والله عليم } يعني بمصالح عباده في أمر دينهم ودنياهم { حكيم } يعني فيما دبر من أمورهم. { والله يريد أن يتوب عليكم } قال ابن عباس معناه يريد أن يخرجكم من كل ما يكره إلى ما يحب ويرضى. وقيل معناه يدلكم على ما يكون سبباً لتوبتكم التي يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم وقيل معناه إن وقع منكم تقصير في دينه فيتوب عليكم ويغفر لكم { ويريد الذين يتبعون الشهوات } قيل هم اليهود والنصارى وقيل هم اليهود خاصة لأنهم يقولون إن نكاح بنت الأخت من الأب حلال. وقيل هم المجوس لأنهم يستحلون نكاح الأخوات وبنات الإخوة فلما حرمهن الله قالوا إنكم تحلون بنت الخالة وبنت العمة والخالة والعمة عليكم فانكحوا بنات الأخ والأخت فنزلت هذه الآية. وقيل هم الزناة يريدون أن تكونوا مثلهم { أن تميلوا } يعني عن الحق وقصد السبيل بالمعصية { ميلاً عظيماً } يعني بإتيانكم ما حرم الله عليكم { يريد الله أن يخفف عنكم } يعني ليسهل عليكم أحكام الشرائع فهو عام في كل أحكام الشرع وجميع ما يسره لنا وسهله علينا إحساناً منه إلينا وتفضلاً ولطفاً علينا، ولم يثقل التكاليف علينا كما ثقلها على بني إسرائيل فهو كقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله تعالى:وما جعل عليكم في الدين من حرج } [الحج: 78] وكما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " بعثت بالحنيفية السهلة السمحة " وقوله تعالى: { وخلق الإنسان ضعيفاً } يعني في قلة الصبر عن النساء فلا صبر له عنهن وقيل إنه لضعفه يستميله هواه فهو ضعيف العزم عن قهر الهوى وقيل هو ضعيف في أصل الخلقة لأنه خلق من ماء مهين. قوله عز وجل: { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } يعني بالحرام الذي لا يحل في الشرع كالربا والقمار والغصب والسرقة والخيانة وشهادة الزور وأخذ المال باليمين الكاذبة ونحو ذلك.

السابقالتالي
2