الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ أَرَدْتُّمُ ٱسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } * { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَٰقاً غَلِيظاً } * { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً }

قوله عز جل: { وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } الخطاب للرجال وأراد بالزوج الزوجة قال المفسرون: لما ذكر الله في الآية الأولى مضارة الزوجات إذا أتين بفاحشة وهي إما النشوز أو الزنا بيّن في هذه الآية تحريم المضارة إن لم يكن من قبلها نشوز ولا زنى عن بخس الرجل حق المرأة إذا أراد طلاقها واستبدال غيرها { وآتيتم إحداهن قنطاراً } يعني وكان ذلك الصداق مالاً كثيراً، وفي الآية دليل على جواز المغالاة في المهور روي أن عمر قال على المنبر: ألا لا تغالوا في مهور نسائكم فقامت امرأة فقالت يا ابن الخطاب الله يعطينا وأنت تمنعنا وتلت الآية. فقال كل الناس أفقه منك يا عمر وفي رواية امرأة أصابت وأمير أخطأ ورجع عن كراهة المغالاة وقد تغالى الناس في صدقات النساء حتى بلغوا الألوف وقيل إن خير المهور أيسرها وأسهلها { فلا تأخذوا منه شيئاً } يعني من القنطار الذي آتيتموهن لو جعلتم ذلك القدر لهن صداقاً فلا تأخذوا منه شيئاً وذلك أن سوء العشرة إما أن يكون من قبل الزوج أو من قبل الزوجة فإن كان من قبل الزوج وأراد طلاق المرأة فلا يحل له أن يأخذ شيئاً من صداقها وإن كان النشوز من قبل المرأة جاز له ذلك { أتأخذونه } استفهام بمعنى التوبيخ { بهتاناً } يعني ظلماً وقيل باطلاً { وإثماً مبيناً } يعني أتأخذونه مباهتين آثمين فلا تفعلوا مثل هذا الفعل مع ظهور قبحه في الشرع والعقل ثم قال تعالى: { وكيف تأخذونه } كلمة تعجب والمعنى لأي وجه تفعلون مثل هذا الفعل وكيف يليق بالعاقل أن يسترد شيئاً بذله لزوجته عن طيب نفس وقيل هو استفهام معناه التوبيخ والتعظيم لأخذ المهر بغير حقه ثم ذكر السبب في ذلك فقال تعالى { وقد أفضى بعضكم إلى بعض } أصل الإفضاء في اللغة الوصول يقال أفضى إليه أي وصل إليه ثم للمفسرين في معنى الإفضاء في هذه الآية قولان: أحدهما أنه كناية عن الجماع وهو قول ابن عباس ومجاهد والسدي واختيار الزجاج وابن قتيبه ومذهب الشافعي لأن عنده أن الزوج إذا طلق قبل المسيس فله أن يرجع بنصف المهر وإن خلا بها والقول الثاني في معنى الإفضاء هو أن يخلو بها وإن لم يجامعها وقال الكلبي الإفضاء أن يكون معها في لحاف واحد جامعها أو لم يجامعها وهذا القول هو اختيار الفراء ومذهب أبي حنيفة أن الخلوة الصحيحة عنده تقرر المهر { وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً } قيل هو قول العاقد عند العقد زوجتكها على ما أخذ الله للنساء على الرجال من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقيل هي كلمة النكاح المعقودة على الصداق وهي الكلمة التي تستحل بها فروج النساء ويدل على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

السابقالتالي
2