الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً } * { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا ٱلْمَسِيحَ عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ ٱللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ ٱتِّبَاعَ ٱلظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } * { بَل رَّفَعَهُ ٱللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }

قوله تعالى: { وبكفرهم وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً } يعني حين رموها بالزنا وذلك أنهم أنكروا قدرة الله تعالى على خلق الولد من غير أب ومنكر قدرة الله كافر. فالمراد بقوله وبكفرهم هو إنكارهم قدرة الله تعالى والمراد بقولهم على مريم بهتاناً عظيماً هو رميهم إياها بالزنا وإنما سماه بهتاناً عظيماً لأنه قد ظهر عند ولادة مريم من المعجزات ما يدل على براءتها من ذلك فلهذا السبب وصف الله قول اليهود على مريم بالبهتان العظيم. قوله عز وجل: { وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله } ادعت اليهود أنهم قتلوا عيسى عليه السلام وصدقتهم النصارى على ذلك فكذبهم الله عز وجل جميعاً وردّ عليهم بقوله: { وما قتلوه وما صلبوه } وفي قول رسول الله قولان: أحدهما أنه من قول اليهود فيكون المعنى أنه رسول الله على زعمه. والقول الثاني أن من قول الله لا على وجه الحكاية عنهم وذلك أن الله تعالى أبدل ذكرهم في عيسى عليه السلام القول القبيح بالقول الحسن رفعاً لدرجته عما كانوا يذكرونه من القول القبيح. وقوله تعالى: { ولكن شبه لهم } يعني ألقى شبه عيسى غيره حتى قتل وصلب. واختلف العلماء في صفة التشبيه الذي شبه على اليهود في أمر عيسى عليه السلام. فروى الطبري بسنده عن وهب بن منبه أنه قال أتى اليهود عيسى ومعه سبعة عشر من الحواريين في بيت فأحاطوا بهم فلما دخلوا عليهم صورهم الله تعالى كلهم على صورة عيسى فقالوا لهم: سحرتمونا لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلنكم جميعاً فقال عيسى لأصحابه من يشتري نفسه منكم اليوم بالجنة فقال رجل منهم أنا فخرج إليهم فقال: أنا عيسى وقد صوره الله تعالى على صورة عيسى فأخذوه وصلبوه فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى وظنت النصارى مثل ذلك. ورفع الله عز وجل عيسى عليه السلام من يومه ذلك. وفي رواية أخرى عن وهب أن عيسى عليه السلام قال لأصحابه: ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات وليبيعني بدراهم يسيرة وليأكلن ثمني فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين. فقالوا هذا من أصحاب عيسى فجحد وقال: ما أنا بصاحبه فتركوه ثم أخذوا آخر فجحد كذلك فلما أصبح أتى بعض الحواريين إلى اليهود وكان منفاقاً فقال ما تجعلون لي إن أنا دللتكم على المسيح فجعلوا له ثلاثين درهماً فدلهم عليه فألقى الله شبه عيسى على ذلك المنافق الذي دل عليه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يظنون أنه عيسى. وقال قتادة إن أعداء الله اليهود زعموا أنهم قتلوا عيسى وأصلبوه وذكر لنا أن نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام قال لأصحابه أيكم يقذف عليه شبهي وله الجنة فإنه مقتول فقال رجل منهم حبسوا عيسى في بيت وجعلوا عليه رقيباً يحفظه فألقى الله شبه عيسى على ذلك الرقيب فأخذ فقتل وصلب فرفع الله عز وجل عيسى في ذلك الوقت.

السابقالتالي
2 3