الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ } * { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ } * { وَٱنطَلَقَ ٱلْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ ٱمْشُواْ وَاْصْبِرُواْ عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ } * { مَا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِى ٱلْمِلَّةِ ٱلآخِرَةِ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ ٱخْتِلاَقٌ } * { أَءُنزِلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُواْ عَذَابِ }

{ وعجبوا } يعني كفار مكة { أن جاءهم منذر منهم } يعني رسولاً من أنفسهم ينذرهم { وقال الكافرون هذا ساحر كذاب } قوله عز وجل: { أجعل الآلهة إلهاً واحداً } وذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم فشق ذلك على قريش وفرح به المؤمنون فقال الوليد بن المغيرة للملأ من قريش وهم الصناديد والأشراف وكانوا خمسة وعشرين رجلاً أكبرهم سناً الوليد بن المغيرة امشوا إلى أبي طالب فأتوا إلى أبي طالب وقالوا له أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء وإنما أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك فأرسل إليه أبو طالب فدعا به فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم إليه قال له يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كل الميل على قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وماذا يسألونني " قالوا ارفض آلهتنا وندعك وإلهك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم " فقال أبو جهل لله أبوك لنعطينكها وعشرة أمثالها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قولوا لا إله إلا الله " فنفروا من ذلك وقالوا أجعل الآلهة إلهاً واحداً كيف يسمع الخلق إله واحد { إن هذا لشيء عجاب } أي عجب { وانطلق الملأ منهم } أي من مجلسهم الذي كانوا فيه عند أبي طالب { أن امشوا } أي يقول بعضهم لبعض امشوا { واصبروا على آلهتكم } أي اثبتوا على عبادة آلهتكم { إن هذا لشيء يراد } أي لأمر يراد بنا وذلك أن عمر رضي الله عنه لما أسلم وحصل للمسلمين قوة بمكانه قالوا إن هذا الذي نراه من زيادة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لشيء يراد بنا وقيل يراد بأهل الأرض وقيل يراد بمحمد صلى الله عليه وسلم أن يملك علينا { ما سمعنا بهذا } أي بالذي يقوله محمد من التوحيد { في الملة الآخرة } قال ابن عباس يعنون النصرانية لأنها آخر الملل وإنهم لا يوحدون الله بل يقولون ثالث ثلاثة وقيل يعنون ملة قريش وهي دينهم الذي هم عليه { إن هذا إلا اختلاق } أي كذب وافتعال { أأنزل عليه الذكر } أي القرآن { من بيننا } أي يقول أهل مكة ليس هو بأكبرنا ولا أشرفنا قال الله تعالى: { بل هم في شك من ذكري } أي وحيي وما أنزلت { بل لما يذوقوا عذاب } أي لو ذاقوه لما قالوا هذا القول.