الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } * { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ }

{ قال } داود { لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه } أي بضمها إلى نعاجه. فإن قلت كيف قال داود لقد ظلمك ولم يكن سمع قول الآخر قلت معناه إن كان الأمر كما تقول فقد ظلمك وقيل إنما قال ذلك بعد اعتراف صاحبه بما يقول { وإن كثيراً من الخلطاء } أي الشركاء { ليبغي بعضهم على بعض } أي يظلم بعضهم بعضاً { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } فإنهم لا يظلمون أحداً { وقليل ما هم } أي هم قليل وما صلة. والمعنى أن الصالحين الذين لا يظلمون قليل فلما قضى داود بينهما نظر أحدهما إلى صاحبه وضحك وصعد إلى السماء فعلم داود أن الله تعالى ابتلاه فذلك قوله تعالى: { وظن داود } أي أيقن وعلم { أنما فتناه } أي ابتليناه وامتحناه وقال ابن عباس: إن داود لما دخل عليه الملكان فقضى على نفسه تحولا في صورتهما وعرجا وهما يقولان قضى الرجل على نفسه فعلم داود أنه إنما عنى به. وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن داود النبي صلى الله عليه وسلم حين نظر إلى المرأة فهم ففظع على بني إسرائيل أوصى صاحب البعث فقال إذا حضر العدو فقرب فلاناً بين يدي التابوت وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به ومن قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل أو يهزم عنه الجيش فقتل زوج المرأة ونزل الملكان يقصان عليه قصته ففطن داود فسجد فمكث أربعين ليلة ساجداً حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه وأكلت الأرض من جبهته وهو يقول في سجوده: رب زل داود زلة أبعد ما بين المشرق والمغرب رب إن لم ترحم ضعف داود ولم تغفر ذنبه جعلت ذنبه حديثاً في الخلق من بعده. فجاء جبريل من بعد أربعين ليلة فقال يا داود إن الله تعالى قد غفر لك الهم الذي هممت به فقال داود: إن الرب قادر على أن يغفر لي الهم الذي هممت به وقد عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال رب دمي الذي عند داود فقال جبريل ما سألت ربك عن ذلك وإن شئت لأفعلن قال نعم فعرج جبريل وسجد داود ما شاء الله تعالى ثم نزل جبريل عليه الصلاة والسلام فقال سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه فقال قل لداود إن الله تعالى يجمعكما يوم القيامة فيقول له هب لي دمك الذي عند داود فيقول: هو لك يا رب فيقول الله تعالى فإن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضاً عن دمك فهذه أقاويل السلف من أهل التفسير في قصة امتحان داود.

السابقالتالي
2 3 4 5 6