{ فإنكم } يعني يا أهل مكة { وما تعبدون } أي من الأصنام { ما أنتم عليه } أي على ما تعبدون { بفاتنين } أي بمضلين أحداً { إلا من هو صال الجحيم } أي إلا من سبق له في علم الله تعالى الشقاوة وأنه سيدخل النار. قوله تعالى إخباراً عن حال الملائكة { وما منا إلا له مقام معلوم } يعني أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم وما منا معشر الملائكة ملك إلا له مقام معلوم يعبد ربه فيه. وقال ابن عباس ما في السموات موضع شبر إلا وعليه ملك يصلي أو يسبح. وروى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أطت السماء وحق لها أن تئط والذي نفسي بيده ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله ساجداً " أخرجه الترمذي. وهو طرف من حديث قيل الأطيط أصوات الأقتاب وقيل أصوات الإبل وحنينها ومعنى الحديث ما في السماء من الملائكة قد أثقلها حتى أطت وهذا مثل مؤذن بكثرة الملائكة وإن لم يكن ثم أطيط وقيل معنى إلا له مقام معلوم أي في القرب والمشاهدة وقيل يعبد الله على مقامات مختلفة كالخوف والرجاء والمحبة والرضا { وإنا لنحن الصافون } يعني الملائكة صفوا أقدامهم في عبادة الله تعالى كصفوف الناس في الصلاة في الأرض { وإنا لنحن المسبحون } أي المصلون لله تعالى وقيل المنزهون لله تعالى عن كل سوء يخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم أنهم يعبدون الله بالصلاة والتسبيح وأنهم ليسوا بمعبودين كما زعمت الكفار قوله عز وجل: { وإن كانوا ليقولون } يعني كفار مكة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم { لو أن عندنا ذكراً من الأولين } يعني كتاباً مثل كتاب الأولين { لكنا عباد الله المخلصين } أي لأخلصنا العبادة لله { فكفروا به } أي فلما أتاهم الكتاب كفروا به { فسوف يعلمون } فيه تهديد لهم قوله عز وجل: { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين } يعني تقدم وعدنا لعبادنا المرسلين بنصرهم.