الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } * { وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ ٱلْعُيُونِ } * { لِيَأْكُلُواْ مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ ٱلأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } * { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } * { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } * { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ }

{ وآية لهم } يعني تدلهم على كمال قدرتنا على إحياء الموتى { الأرض الميتة أحييناها } أي بالمطر { وأخرجنا منها } أي من الأرض { حباً } يعني الحنطة والشعير وما أشبههما { فمنه يأكلون } أي من الحب { وجعلنا فيها } يعني في الأرض { جنات } يعني بساتين { من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره } يعني من الثمر الحاصل بالماء { وما عملته أيديهم } يعني من الزرع والغرس الذي تعبوا فيه وقرئ عملت بغير هاء وقيل ما للنفي والمعنى ولم تعمله أيديهم وليس من صنيعهم بل وجدوها معمولة وقيل أراد العيون والأنهار التي لم تعملها يد خلق مثل النيل والفرات ودجلة { أفلا يشكرون } يعني نعمة الله تعالى { سبحان الذي خلق الأزواج كلها } يعني الأصناف كلها { مما تنبت الأرض } أي من الأشجار والثمار والحبوب { ومن أنفسهم } يعني الذكر والأنثى { ومما لا يعلمون } يعني مما خلق الله تعالى من الأشياء في البر والبحر من الدواب. قوله عز وجل: { وآية لهم } يعني تدلهم على قدرتنا { الليل نسلخ } أي ننزع ونكشط { منه النهار فإذا هم مظلمون } يعني فإذا هم في الظلمة وذلك أن الأصل هي الظلمة والنهار داخل عليها فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل فتظهر الظلمة { والشمس تجري لمستقر لها } يعني إلى مستقر لها قيل إلى انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وقيام الساعة وقيل تسير في منازلها حتى تنتهي إلى مستقرها الذي لا تجاوزه ثم ترجع إلى أول منازلها وهو أنها تسير حتى تنتهي إلى أبعد مغاربها ثم ترجع فذلك مستقرها وقيل مستقرها نهاية ارتفاعها في السماء في الصيف ونهاية هبوطها في الشتاء. وقرأ ابن مسعود والشمس تجري لا مستقر لها أي لا قرار ولا وقوف فهي جارية أبداً إلى يوم القيامة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه " أبو ذر قال " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله والشمس تجري لمستقر لها قال مستقرها تحت العرش " " وفي رواية " قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس " أتدري أين تذهب الشمس " قال الله ورسوله أعلم قال " إنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها فيقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها " " فذلك قوله تعالى: { والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم } أخرجاه في الصحيحين قال الشيخ محيي الدين النووي اختلف المفسرون فيه فقال جماعة بظاهر الحديث. قال الواحدي فعلى هذا القول إذا غربت الشمس كل يوم استقرت تحت العرش إلى أن تطلع وقيل تجري إلى وقت لها وأصل لا تتعداه وعلى هذا مستقرها انتهاء سيرها عند انقضاء الدنيا وأما سجود الشمس فهو تمييز وإدراك يخلقه الله تعالى فيها والله أعلم { ذلك } يعني الذي ذكر من جري الشمس على ذلك التقدير والحساب الذي يكل النظر عن استخراجه وتتحير الأفهام عن استنباطه { تقدير العزيز } يعني الغالب بقدرته على كل شيء مقدور { العليم } يعني المحيط علماً بكل شيء.

السابقالتالي
2