الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَىٰ عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ } * { وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ ٱلَّذِي كُـنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَآءَكُمُ ٱلنَّذِيرُ فَذُوقُواْ فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } * { إِنَّ ٱللَّهَ عَالِمُ غَيْبِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } * { هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلاَ يَزِيدُ ٱلْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِن يَعِدُ ٱلظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضاً إِلاَّ غُرُوراً } * { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } * { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً }

قوله تعالى: { والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا } أي فيستريحوا مما هم فيه { ولا يخفف عنهم من عذابها } أي من عذاب النار { كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون } أي يستغيثون ويصيحون { فيها } يقولون { ربنا أخرجنا } أي من النار { نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل } أي في الدنيا من الشرك والسيئات فيقول الله تعالى توبيخاً لهم { أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } قيل: هو البلوغ وقيل ثمان عشرة سنة وقيل أربعون سنة وقال ابن عباس ستون سنة ويروى ذلك عن علي وهو العمر الذي أعذر الله تعالى لابن آدم خ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أعذر الله إلى كل امرىء آخر أجله حتى بلغ ستين سنة " عنه بإسناد الثعلبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين " { وجاءكم النذير } يعني محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن قاله ابن عباس: وقيل هو الشيب والمعنى أو لم نعمركم حتى شبتم. ويقال الشيب: نذير الموت وفي الأثر " ما من شعرة تبيض إلا قالت لأختها استعدي فقد قرب الموت " { فذقوا } أي يقال لهم ذوقوا العذاب { فما للظالمين من نصير } أي لهم من مانع يمنعهم من عذابه { إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور } يعني إنه إذا علم ذلك هو أخفى ما يكون، فقد علم غيب كل شيء في العالم. قوله تعالى { هو الذي جعلكم خلائف في الأرض } أي يخلف بعضكم بعضاً وقيل جعلكم أمة خلفت من قبلها من الأمم ورأت ما ينبغي أن يعتبر بهن وقيل جعلكم خلفاء في أرضه وملككم منافعها مقاليد التصرف فيها لتشكروه بالتوحيد والطاعة { فمن كفر } أي جحد هذه النعمة وغطمها { فعليه كفره } أي وبال كفره { ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتاً } يعني غضباً وقيل المقت أشد البغض { ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خساراً } يعني في الآخرة { قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله } يعني الأصنام جعلتموها شركاء بزعمكم { أروني ماذا خلقوا من الأرض } يعني أي جزء استبدوا بخلقه من الأرض { أم لهم شرك في السموات } أي خلق في السموات والأرض { أم آتيناهم كتاباً فهم على بينة منه } أي على حجة وبرهان من ذلك { بل إن يعد الظالمون بعضهم } يعني الرؤساء { بعضاً إلا غروراً } يعني قولهم هؤلاء الأصنام شفعاؤنا عند الله. قوله عز وجل { إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا } يعني لكي لا تزولا فيمنعهما من الزوال والوقوع وكانتا جديرتين بأن تزولا وتهدهد العظم كلمة الشرك { ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده } يعني ليس يمسكهما أحد سواه { إنه كان حليماً غفوراً } يعني غير معاجل بالعقوبة حيث أمسكهما وكانتا قد همتا بعقوبة الكفار لولا حلمه وغفرانه { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } يعني كفار مكة وذلك لما بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم قالوا لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم وأقسموا بالله لو جاءنا نذير لنكونن أهدى ديناً منهم وذلك قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم فلما بعث محمد كذبوه فأنزل الله هذه الآية { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } { لئن جاءهم نذير } يعني رسول { ليكونن أهدى من إحدى الأمم } يعني اليهود والنصارى { فلما جاءهم نذير } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم { ما زادهم } مجيئه { إلا نفوراً } يعني تباعدا عن الهدى { استكباراً في الأرض } يعني عتواً وتكبراً عن الإيمان به { ومكر السيىء } يعني عمل القبيح وهو اجتماعهم على الشرك وقيل هو مكرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم { ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله } يعني لا يحل ولا يحيط إلا بأهله فقتلوا يوم بدر قال ابن عباس عاقبة الشرك لا تحل إلا بمن أشرك { فهل ينظرون } أي ينظرون { إلا سنة الأولين } يعني أن ينزل العذاب بهم كما نزل بمن مضى من الكفار { فلن تجد لسنة الله تبديلاً } أي تغييراً { ولن تجد لسنة الله تحويلاً } أي تحويل العذاب عنهم إلى غيرهم.