الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } * { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } * { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ إِنَّمَا تُنذِرُ ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَمَن تَزَكَّىٰ فَإِنَّمَا يَتَزَكَّىٰ لِنَفْسِهِ وَإِلَى ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ }

قوله عز وجل: { والله خلقكم من تراب } يعني آدم { ثم من نطفة } يعني ذريته { ثم جعلكم أزواجاً } يعني أصنافاً ذكراناً واناثاً وقيل زوج بعضكم بعضاً { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر } يعني لا يطول عمر أحد { ولا ينقص من عمره } يعني عمر آخر، وقيل ينصرف إلى الأول قال سعيد بن جبير، مكتوب في أم الكتاب عمر فلان كذا وكذا سنة، ثم يكتب أسفل من ذلك ذهب يوم ذهب يومان، ذهب ثلاثة أيام حتى ينقطع عمره، وقيل معناه لا يطول عمر إنسان ولا يقصر إلا في كتاب قال كعب الأحبار حين حضرت عمر الوفاة والله لو دعا عمر به أن يؤخر أجله لأخر، فقيل له إن الله تعالى يقولفإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } [الأَعراف: 34] قال: هذا إذا حضر الأجل فأما قبل ذلك فيجوز أن يزاد ذلك وقرأ هذه الآية { إلا في كتاب } يعني اللوح المحفوظ { إن ذلك على الله يسير } أي كتابة الآجال والأعمال على الله هين. قوله تعالى { وما يستوي البحران } يعني العذب والمالح ثم وصفهما فقال { هذا عذب فرات } أي طيب يكسر العطش { سائغ شرابه } أي سهل في الحلق هنيء مريءٍ { وهذا ملح أجاج } أي شديد الملوحة يحرق الحلق بملوحته وقيل هو المر { ومن كل } يعني من البحرين { تأكلون لحماً طرياً } يعني السمك { وتستخرجون } يعني من الملح دون العذب { حلية تلبسونها } يعني اللؤلؤ والمرجان وقيل نسب اللؤلؤ إليهما لأنه يكون في البحر المالح عيون عذبة فتمتزج بالملح فيكون اللؤلؤ منهما { وترى الفلك فيه مواخر } يعني جواري مقبلة ومدبرة بريح واحدة { لتبتغوا من فضله } يعني بالتجارة { ولعلكم تشكرون } يعني تشكرون الله على نعمه { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه } يعني الأصنام { ما يملكون من قطمير } هو لفافة النواة وهي القشرة الرقيقة التي تكون على النواة { إن تدعوهم } يعني الأصنام { لا يسمعوا دعاءكم } يعني أنهم جماد { ولو سمعوا } أي على سبيل الفرض والتمثيل { ما استجابوا لكم } أي ما أجابوكم وقيل ما نفعوكم { يوم القيامة يكفرون بشرككم } أي يتبرؤون منكم ومن عبادتكم إياها { ولا ينبئك مثل خبير } يعني نفسه أي لا ينبئك أحد مثلي لأني عالم بالأشياء قوله تعالى { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } يعني إلى فضله وإحسانه والفقير المحتاج إلى من سواه والخلق كلهم محتاجون إلى الله فهم الفقراء { والله هو الغني } عن خلقه لا يحتاج إليهم { الحميد } يعني المحمود في إحسانه إليهم المستحق بإنعامه عليهم أن يحمدوه { إن يشأ يذهبكم } لاتخاذكم أنداداً وكفركم بآياته { ويأت بخلق جديد } يعني يخلق بعدكم من يعبده ولا يشرك به شيئاً { وما ذلك على الله بعزيز } أي يمتنع { ولا تز وازرة وزر أخرى } يعني أن كل نفس يوم القيامة لا تحمل إلا وزرها الي اقترفته لا تؤاخذ بذنب غيرها فان قلت كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله وليحملن أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم.

السابقالتالي
2