الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } * { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً }

قوله تعالى: { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم } أي على الوفاء بما حملوا وأن يصدق بعضهم بعضاً ويبشر بعضهم ببعض، وقيل على أن يعبدوا الله ويدعوا الناس إلى عبادته وينصحوا لقومهم { ومنك } يعني يا محمد { ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم } خص هؤلاء الخمسة بالذكر من بين النبيين لأنهم أصحاب الكتب والشرائع وأولوا العزم من الرسل، وقدم النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر تشريفاً له وتفضيلاً. ولما روى البغوي بإسناد الثعلبي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه سلم قال " كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث " قال قتادة وذلك قول الله { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح } فبدأ به صلى الله عليه وسلم { وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً } أي عهداً شديداً على الوفاء بما حملوا من تبليغ الرسالة { ليسأل الصادقين عن صدقهم } يعني أخذ ميثاقهم لكي يسأل الصادقين يعني النبيين عن تبليغهم الرسالة والحكمة في سؤالهم مع علمه سبحانه وتعالى صادقون تبكيت من أرسلوا إليهم وقيل ليسأل الصادقين عن صدقهم عن عملهم لله عز وجل وقيل ليسأل الصادقين بأفواههم عن صدقهم في قلوبهم { وأعد للكافرين عذاباً أليماً } قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم } وذلك حين حوصر المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أيام الخندق { إذ جاءتكم جنود } يعني الأحزاب وهم قريش وغطفان ويهود قريظة والنضير { فأرسلنا عليهم ريحاً } يعني الصبا قال عكرمة قالت الجنوب للشمال ليلة الأحزاب انطلقي ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت الشمال إن الحرة لا تسري بالليل. فكانت الريح التي أرسلت عليهم الصبا ق عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور " وقيل الصبا ريح فيها روح ما هبت على محزون إلا ذهب حزنه، قوله تعالى { وجنوداً لم تروها } يعني الملائكة، ولم تقاتل ملائكة يومئذ فبعث الله عز وجل تلك الليلة ريحاً باردة فقلعت الأوتاد وقطعت أطناب الفساطيط وأطفأت النيران وأكفأت القدور وماجت الخيل بعضها في بعض وكثر تكبير الملائكة في جوانب عسكرهم، حتى كان سيد كل حي يقول يا بني فلان النجاء النجاء هلموا إلي فإذا اجتمعوا عنده قال النجاء النجاء فانهزموا من غير قتال لما بعث الله عليهم من الرعب { وكان الله بما تعملون بصيراً }. ذكر غزوة الخندق وهي الأحزاب قال: البخاري قال موسى بن عقبة: كانت في شوال سنة أربع من الهجرة. وروى محمد بن إسحاق عن مشايخه قال: دخل حديث بعضهم في بعض أن نفراً من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وهو ابن قيس وأبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه سلم خرجوا حتى قدموا على قريش بمكة، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله، فقالت لهم قريش يا معشر اليهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، فديننا خير أم دينه؟ قالوا دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه فهم الذين قال الله تعالى فيهم

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10