الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَٱلَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى ٱلْخَيْرِ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } * { يَحْسَبُونَ ٱلأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُواْ وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي ٱلأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَآئِكُمْ وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً } * { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } * { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } * { مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً }

{ أشحة عليكم } أي بخلاء بالنفقة في سبيل الله والنصرة وصفهم الله بالبخل والجبن { فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم } أي في رؤوسهم من الخوف والجبن { كالذي يغشى عليه من الموت } أي كدوران عين الذي قرب من الموت وغشيه أسبابه فإنه يذهب عقله ويشخص بصره فلا يطرف { فإذا ذهب الخوف } أي زال { سلقوكم } أي آذوكم. ورموكم في حالة الأمن { بألسنة حداد } أي ذربة تفعل كفعل الحديد قال ابن عباس معناه عضوكم وتناولوكم بالنقص والغيبة، وقيل بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة يقولون أعطونا فإنا شهدنا معكم القتال فلستم بأحق بالغنيمة منا فهم عند الغنيمة أشجع قوم وعند الحرب أجبن قوم { أشحة على الخير } أي يشاحون المؤمنين عند الغنيمة فعلى هذا المعنى يكون المراد بالخير المال { أولئك لم يؤمنوا } أي لم يؤمنوا حقيقة الإيمان وإن أظهروا الإيمان لفظاً { فأحبط الله أعمالهم } أي التي كانوا يأتون بها مع المسلمين قيل هي الجهاد وغيره { وكان ذلك على الله يسيراً } أي إحباط أعمالهم مع أن كل شيء على الله يسير. قوله تعالى { يحسبون } يعني هؤلاء المنافقين { الأحزاب } يعني قريشاً وغطفان واليهود { لم يذهبوا } أي لم ينصرفوا عن قتالهم جبناً وفرقاً وقد انصرفوا عنهم { وإن يأت الأحزاب } أي يرجعوا إليهم للقتال بعد الذهاب { يودوا لو أنهم بادون في الأعراب } أي يتمنون لو أنهم كانوا في بادية مع الأعراب من الجبن والخوف { يسألون عن أنبائكم } أي عن أخباركم وما آل إليه أمركم { ولو كانوا فيكم } يعني هؤلاء المنافقين { ما قاتلوا إلا قليلاً } يعني يقاتلون قليلاً يقيمون به عذرهم فيقولون قد قاتلنا معكم وقيل هو الرمي بالحجارة وقيل رياء من غير احتساب. قوله عز وجل { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } أي قدوة صالحة أي اقتدوا به اقتداء حسناً وهو أن تنصروا دين الله وتؤازروا رسوله ولا تتخلفوا عنه وتصبروا على ما يصيبكم كما فعل هو إذ قد كسرت رباعيته وجرح وجهه وقتل عمه وأوذي بضروب الأذى فصبر وواساكم مع ذلك بنفسه فافعلوا أنتم كذلك أيضاً واستنوا بسنته { لمن كان يرجوا الله } يعني أن الأسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم لمن كان يرجو الله قال ابن عباس يرجو ثواب الله { واليوم الآخر } يعني ويخشى يوم البعث الذي فيه الجزاء { وذكر الله كثيراً } أي في جميع المواطن على السراء والضراء ثم وصف حال المؤمنين عند لقاء الأحزاب فقال تعالى { ولمّا رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله } أي قالوا ذلك تسليماً لأمر الله وتصديقاً بوعده { وصدق الله ورسوله } أي فيما وعدا وهو مقابلة قول المنافقين

السابقالتالي
2