الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }

قوله تعالى: { إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها } أي وعظوا بها { خروا سجداً } يعني سقطوا على وجوههم ساجدين { وسبحوا بحمد ربهم } يعني صلوا بأمر ربهم وقيل قالوا سبحان الله وبحمده { وهم لا يستكبرون } يعني عن الإيمان به والسجود له ق عن ابن عمر قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ السورة التي فيها السجدة فيسجد ويسجدون حتى ما يجد أحدنا مكاناً لوضع جبهته في غير وقت الصلاة ". م عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويلنا أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار " وهذه من عزائم سجود القرآن فتسن للقارىء وللمستمع. قوله تعالى { تتجافى جنوبهم } يعني ترتفع وتنبو { عن المضاجع } جمع مضجع وهو الموضع الذي يضطجع عليه يعني الفرش، وهم المتهجدون بالليل الذي يقيمون الصلاة، وقال أنس نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. عن أنس في قوله { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة أخرجه الترمذي وقال الحديث حسن غريب صحيح. وفي رواية أبي داود عنه قال كانوا يتنفلون ما بين المغرب والعشاء أي يصلون، وهو قول أبي حازم ومحمد بن المنكدر وقيل هي صلاة الأوابين. روي عن ابن عباس قال: إن الملائكة لتحف بالذين يصلون بين المغرب والعشاء وهي صلاة الأوابين وقال عطاء: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الأخيرة والفجر في جماعة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله " أخرجه مسلم من حديث عثمان بن عفان.ق عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا " وأشهر الأقاويل أن المراد منه صلاة الليل وهو قول الحسن ومجاهد ومالك والأوزاعي وجماعة. فصل: في فضل قيام الليل والحث عليه " عن معاذ بن جبل قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه وهو يسير، فقلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار. قال " سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، ثم قال ألا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل، ثم قرأ { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } حتى بلغ { جزاء بما كانوا يعملون } ، ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت بلى يا رسول الله. قال رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد، ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت بلى يا رسول الله قال فأخذ بلسانه وقال اكفف عليك هذا. فقلت يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم "

السابقالتالي
2