الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ } * { يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } * { وَٱقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَٱغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ ٱلأَصْوَاتِ لَصَوْتُ ٱلْحَمِيرِ } * { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ }

{ يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل } وذلك أن ابن لقمان قال لأبيه يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله؟ قال يا بني إنها أي الخطيئة إن تك مثقال حبة من خردل أي في الصغر { فتكن } أي من صغرها { في صخرة } قال ابن عباس: صخرة تحت الأرضين السبع وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار وخضرة السماء منها وقيل خلق الله الأرض على حوت وهو النون والحوت في الماء والماء على ظهر صفاة والصفاة على ظهر ملك وقيل على ظهر ثور وهو على صخرة وهي التي ذكر لقمان ليست في الأرض ولا في السماء فلذلك قال { أو في السموات أو في الأرض } والصخرة على متن الريح والريح على القدرة { يأت بها الله } معناه الله عالم بها قادر على استخراجها وهو قوله { إن الله لطيف } أي باستخراجها { خبير } أي بمكانها ومعنى الآية الإحاطة بالأشياء صغيرها وكبيرها قيل إن هذه الكلمة آخر كلمة قالها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها وعظمتها فمات { يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك } من الأذى { إن ذلك من عزم الأمور } يعني إقامة الصلاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى من الأمور الواجبة التي أمر الله بها { ولا تصعر } وقرىء تصاعر { خدك للناس } قال ابن عباس لا تتكبر فتحقر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك وقيل هو الرجل يكون بينك وبينه محبة فيلقاك فتعرض عنه وقيل هو الذي إذا سلم عليه ولوى عنقه تكبراً وقيل معناه لا تحتقر الفقراء فليكن الفقير والغني عندك سواء { ولا تمش في الأرض مرحاً } أي خيلاء { إن الله لا يحب كل مختال } في مشيه { فخور } أي على الناس { واقصد في مشيك } أي ليكن في مشيتك قصد بين الإسراع والتأني أما بالإسراع فهو من الخيلاء وأما التأني فهو أن يرى في نفسه الضعف تزهداً وكلا الطرفين مذموم بل ليكن مشيك بين السكينة والوقار { واغضض } أي اخفض وقيل وانقص { من صوتك إن أنكر } أي أقبح { الأصوات لصوت الحمير } لأن أوله زفير وآخره شهيق وهما صوت أهل النار وعن الثوري في هذه الآية قال صياح كل شيء تسبيح إلا الحمار وقيل معنى الآية هو العطسة القبيحة المنكرة قال وهب: تكلم لقمان باثني عشر ألف باب من الحكمة أدخلها الناس في كلامهم وقضاياهم ومن حكمته قيل: إنه كان عبداً حبشياً فدفع إليه مولاه شاة وقال له: اذبحها وائتني بأطيب مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب ثم دفع إليه أخرى وقال له اذبحها وائتني بأخبث مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب فسأله مولاه فقال ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا وقال لقمان ليس مال كصحة ولا نعيم كطيب نفس.

السابقالتالي
2