الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } * { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ }

قوله عز وجل: { ضرب لكم مثلاً } أي بين لكم شبهاً بحالكم ذلك المثل { من أنفسكم } ثم بين المثل فقال تعالى { هل لكم من ما ملكت أيمانكم } أي عبيدكم وإمائكم { من شركاء فيما رزقناكم } أي من المال { فأنتم فيه سواء } يعني هل يشارككم عبيدكم في أموالكم التي أعطيناكم { تخافونهم كخيفتكم أنفسكم } أي تخافون أن يشاركوكم في أموالكم ويقاسموكم كما يخاف الحر من شريكه الحر في المال يكون بينهما أن ينفرد فيه بأمره دون شريكه ويخاف الرجل شريكه في الميراث وهو يحب أن ينفرد به. قال ابن عباس: تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضاً فإذا لم تخافوا هذا من مماليككم ولا ترضوه لأنفسكم فكيف ترضون أن تكون آلهتكم التي تعبدونها شركائي وهم عبيدي { كذلك نفصل الآيات } أي الدلالات والبراهين والأمثال { لقوم يعقلون } أي ينظرون في هذه الدلائل والأمثال بعقولهم { بل اتبع الذين ظلموا } يعني أشركوا بالله { أهواءهم } أي في الشرك { بغير علم } جهلاً بما يجب عليهم { فمن يهدي من أضل الله } أي عن طريق الهدى { وما لهم من ناصرين } أي مانعين يمنعونهم عن عذاب الله. قوله تعالى { فأقم وجهك للدين } يعني أخلص دينك لله وقيل سدد عملك والوجه ما يتوجه إلى الله تعالى به الإنسان ودينه وعمله مما يتوجه إليه ليسدده قوله تعالى { حنيفاً } أي مائلاً إليه مستقيماً عليه { فطرة الله } أي دين الله والمعنى الزموا فطرة { الله التي فطر الناس عليها } قال ابن عباس خلق الناس عليها والمراد بالفطرة الدين وهو الإسلام ق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من مولود إلا يولد على الفطرة ثم قال اقرؤوا { فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } " زاد البخاري " فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسّون فيها من جدعاء " ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا فطرة الله الآية ولهما في رواية " قالوا: يا رسول الله أفرأيت من يموت صغيراً قال الله أعلم بما كانوا عاملين " قوله: " ما من مولود يولد إلا على الفطرة " يعني على العهد الذي أخذ الله عليهم بقولهألست بربكم قالوا بلى } [الأَعراف: 172] فكل مولود في العالم على ذلك الإقرار وهي الحنيفية التي وضعت الخلقة عليها وإن عبد غير الله قال الله تعالىولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } [الزمر: 38] ولكن لا اعتبار بالإيمان الفطري في أحكام الدنيا وإنما يعتبر الإيمان الشرعي المأمور به المكتسب بالإرادة والفعل ألا ترى إلى قوله: " فأبواه يهودانه أو ينصرانه " فهو مع وجود الإيمان الفطري فإنه محكوم له بحكم أبويه الكافرين وهذا معنى قول النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث آخر

السابقالتالي
2