الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ }

قوله عز وجل: { قل إن تخفوا ما في صدوركم } يعني ما في قلوبكم من موالاة الكفار ومودتهم وإنما ذكر الصدر لأنه وعاء القلب { أو تبدوه } يعني تبدوا مودة الكفار قولاً وفعلاً وقيل معناه إن تخفوا ما في قلوبكم من تكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تبدوه أي تظهروه بالحرب والمقاتلة له { يعلمه الله } أي يحفظه عليكم ويجازيكم به، { ويعلم ما في السموات والأرض } يعني أنه تعالى إذا كان لا يخفى عليه شيء في السموات ولا في الأرض فكيف يخفى عليه حالكم وموالاتكم الكفار وميلكم إليهم بقلوبكم { والله على كل شيء قدير، يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً } يعني تجد كل نفس جزاء ما عملت محضراً ما عملت محضراً يوم القيامة لم ينقص ولم يبخس منه شيء، { وما عملت من سوء } أي تجد ما عملت من الخير محضراً فتسر به وما عملت من سوء { تود } أي تتمنى { لو أن بينها وبينه } أي وبين ما عملت من السوء { أمداً بعيداً } أي مكاناً بعيداً قيل: كما بين المشرق والمغرب والأمد الأجل والغاية، وقيل معناه تود أنها لم تعمله ويكون بينها وبينه أمد بعيد { ويحذركم الله نفسه } إنما كرره لتأكيد الوعيد { والله رؤوف بالعباد } قيل: معناه أنه رؤوف بهم حيث حذرهم نفسه وعرفهم كمال قدرته وعلمه، وأنه يمهل ولا يهمل. وقيل: معناه أنه رؤوف بالعباد حيث أمهلهم للتوبة ولتدارك العمل الصالح. وقيل: إنه تعالى لما قال: ويحذركم الله نفسه وهو وعيد أتبعه بقوله والله رؤوف بالعباد، وهو وعد ليعلم العبد المؤمن أن رحمته ووعده غلبت وعيده وسخطه.