الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ } * { فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ }

قوله عز وجل: { الذين قال لهم الناس } هذه الآية متعلقة بالآية التي قبلها لأن المراد بالذين من تقدم ذكره وهم الذين استجابوا لله والرسول وفي المراد بالناس وجوه أحدها: أنه نعيم بن مسعود الأشجعي فيكون اللفظ عاماً أريد به الخاص وإنما جاز إطلاق لفظ الناس على الإنسان الواحد لأن ذلك الواحد إذا فعل فعلاً أو قال قولاً ورضي به غيره حسن إضافة ذلك الفعل والقول إلى الجماعة وإن كان الفاعل واحداً فهو كقوله تعالى:وإذ قتلتم نفساً } [البقرة: 72] والقاتل واحد والوجه الثاني أن المراد بالناس الركب من عبد القيس قاله ابن عباس ومحمد بن إسحاق. الوجه الثالث أن المراد بالناس المنافقون وذلك أنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يتجهز لميعاد أبي سفيان نهوا أصحابه عن الخروج معه وقالوا لهم إن القوم قد أتوكم في دياركم فقتلوا الأكثر منكم فإن خرجتم إليهم لم يبق أحد منكم { إن الناس } يعني أبا سفيان وأصحابه من رؤساء المشركين { قد جمعوا لكم } يعني الجموع الكثيرة لأن العرب تسمى الجيش جمعاً ويجمعونه جموعاً { فاخشوهم } أي فخافوهم واحذروهم فإنه لا طاقة لكم بهم { فزادهم إيماناً } يعني فزاد المسلمين ذلك التخويف تصديقاً ويقيناً وقوة في دينهم وثبوتاً على نصر نبيهم صلى الله عليه وسلم وفي هذه الآية دليل لمن يقول بزيادة الإيمان ونقصانه لأن الله تعالى نص على وقوع الزيادة في الإيمان { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } أي كافينا الله هو يكفينا أمرهم فهو كقول امرئ القيس. وحسبك من غني شبع. وروي أي يكفيك الشبع والري ونعم الوكيل يعني ونعم الموكول إليه في الأمور كلها وقيل الوكيل هو الكافي يكفينا الله ونعم الكافي هو. وقيل الوكيل هو الكفيل ووكيل الرجل في ماله هو الذي كفله وقام به والوكيل في صفة الله تعالى هو الكفيل بأرزاق العباد ومصالحهم وأنه الذي يستقل بأمورهم كلها خ عن ابن عباس قال في قوله تعالى: { إن الناس قد جمعوا لكم } إلى قوله { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. قوله تعالى: { فانقلبوا } أي فانصرفوا ورجعوا بعد خروجهم والمعنى وخرجوا فانقلبوا فحذف الخروج لأن الانقلاب يدل عليه { بنعمة من الله } أي بعافية لم يلقوا عدواً { وفضل } أي تجارة وربح وهو ما أصابوا في سوق بدر من الربح وقيل النعمة منافع الدنيا والفضل ثواب الآخرة { لم يمسسهم سوء } أي لم يصيبهم أذى ولا مكروه من قتل وجراح { واتبعوا رضوان الله } يعني في طاعة الله وطاعة رسوله وقيل إنهم قالوا هل يكون هذا غزواً فأعطاهم الله ثواب الغزو ورضي عنهم بمجرد خروجهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم { والله ذو فضل عظيم } يعني أنه تعالى تفضل عليهم بالتوفيق لما فعلوا وقيل تفضل عليهم بإلقاء الرعب في قلوب المشركين حتى رجعوا.