الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } * { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } * { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ }

{ لعلك باخع نفسك } أي قاتل نفسك { ألا يكونوا مؤمنين } أي إن لم يؤمنوا وذلك حين كذبه أهل مكة فشق عليه ذلك وكان يحرص على إيمانهم، فأنزل الله عز وجل هذه الآية { إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين } أي لو شاء الله لأنزل عليهم آية يذلون منها فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله سبحانه وتعالى. وقيل: معناه لو شاء الله لأراهم أمراً من أمره لا يعمل أحد منهم بعده معصية. فإن قلت: كيف صح مجيء خاضعين خبراً عن الأعناق. قلت أصل الكلام فظلوا لها خاضعين فأقحمت ا لأعناق لبيان الخضوع وترك الكلام على أصله أو لما وصفت بالخضوع الذي هو للعقلاء قيل خاضعين. وقيل: أعناق الناس رؤساؤهم ومقدموهم أي فظلت كبراؤهم لها خاضعين وقيل أراد بالأعناق الجماعات، يقال جاء عنق من الناس أي جماعة. قوله تعالى { وما يأتيهم من ذكر من الرحمن } أي وعظ وتذكير { محدث } أي محدث إنزاله فهو محدث التنزيل وكلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول { إلا كانوا عنه معرضين } أي عن الإيمان به { فقد كذبوا فسيأتيهم } أي فسوف يأتيهم { أنباء } أي أخبار وعواقب { ما كانوا به يستهزئون أولم يروا إلى الأرض } يعني المشركين { كم أنبتنا فيها } أي بعد أن لم يكن فيها نبات { من كل زوج كريم } أي جنس ونوع وصنف حسن من النبات مما يأكل الناس والأنعام، قال الشعبي: الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم { إن في ذلك } أي الذي ذكر { لآية } تدل على أنه واحد أي دلالة على كمال قدرتنا وتوحيدنا كما قيل:
وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد   
و { وما كان أكثرهم مؤمنين } أي سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون ولا يصدقون.