الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ } * { وَتَوكَّلْ عَلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ } * { ٱلَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ } * { وَتَقَلُّبَكَ فِي ٱلسَّاجِدِينَ } * { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ } * { تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } * { يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } * { وَٱلشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ ٱلْغَاوُونَ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ } * { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَذَكَرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱنتَصَرُواْ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ وَسَيَعْلَمْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }

{ واخفض } اي ألن { جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } فإن قلت ما معنى التبعيض في قوله { من المؤمنين } وقلت: معناه لمن اتبعك من المؤمنين المصدقين بقلوبهم وألسنتهم دون المؤمنين بألستنهم وهم المنافقون { فإن عصوك } يعني فيما تأمرهم به { فقل إني بريء مما تعملون } يعني من الكفر والمخالفة { وتوكل على العزيز الرحيم } التوكل عبارة عن تفويض الرجل أمره إلى من يملك أمره، ويقدر على نفعه وضره وهو الله تعالى العزيز الذي يقهر أعداءك، بعزته الرحيم الذي ينصرك عليهم برحمته { الذي يراك حين تقوم } إلى صلاتك وقيل يراك أينما كنت وقيل يراك حين تقوم لدعائك { وتقلبك في الساجدين } قال ابن عباس: ويرى تقلبك في صلاتك في حال قيامك وركوعك وسجودك وقعودك وقيل مع المصلين في الجماعة يقول يراك إذا صليت وحدك ومع الجماعة، وقيل: معناه يرى تقلب بصرك في المصلين فإنه كان صلى الله عليه وسلم يبصر من خلفه كما يبصر من قدامه عن أبي هريرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " هل ترون قبلتي ها هنا فوالله ما يخفى علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري " وقيل: معناه يرى تصرفك وذهابك ومجيئك في أصحابك المؤمنين. قيل: تصرفك في أحوالك كما كانت الأنبياء من قبلك وقال ابن عباس أراد وتقلبك في أصلاب الأنبياء من نبي إلى نبي حتى أخرجك في هذه الأمة { إنه هو السميع } يعني لقولك ودعائك { العليم } يعني بنيتك وعملك قل يا محمد { هل أنبئكم } يعني أخبركم { على من تنزل الشياطين } هذا جواب لقولهم ينزل عليه شيطان ثم بين على من تنزل الشياطين فقال تعالى { تنزل على كل أفاك } يعني كذاب { أثيم } يعني فاجر وهم الكهنة وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع، ثم يلقون ذلك إلى أوليائهم من الإنس وهو قوله تعالى { يلقون السمع } يعني ما يسمعون من الملائكة فيلقونه إلى الكهنة { وأكثرهم كاذبون } لأنهم يخلطون به كذباً كثيراً { والشعراء يتبعهم الغاوون } قال أهل التفسير أراد شعراء الكفار والذي كانوا يهدون النبي صلى الله عليه وسلم منهم عبدالله بن الزبعرى السهمي، وهبيرة بن أبي وهب المخزومي ومسافع بن عبد مناف وأبو عمرو بن عبدالله الجمحي وأمية بن أبي الصلت الثقفي تكلموا بالكذب، والباطل وقالوا نحن نقول مثل ما يقول محمد وقالوا الشعر، واجتمع إليهم غواة قومهم يسمعون أشعارهم حين يهجون محمداً صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وكانوا يروون عنهم قولهم فلذلك قوله { يتبعهم الغاوون } فهم الرواة الذين يروون هجاء المسلمين، وقيل الغاوون هم الشياطين وقيل هم السفهاء الضالون وفي رواية أن الرجلين أحدهما من الأنصار تهاجيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع كل واحد غواة من قومه، وهم السفهاء فنزلت هذه الآية { ألم تر أنهم في كل وادٍ } من أودية الكلام { يهيمون } يعني حائرين وعن طريق الحق حائدين، والهائم الذاهب على وجهه لا مقصد له وقال ابن عباس في كل لغو يخوضون، وقيل يمدحون بالباطل ويهجون بالباطل وقيل إنهم يمدحون الشيء ثم يذمونه لا يطلبون الحق والصدق، فالوادي مثل لفنون الكلام والغوص في المعاني والقوافي { وأنهم يقولون ما لا يفعلون } أي أنهم يكذبون في شعرهم وقيل إنهم يمدحون الجود والكرم ويحثون عليه وهم لا يفعلونه ويذمون البخل ويصرون عليه ويهجون الناس بأدنى شيء صدر منهم ق عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

السابقالتالي
2 3 4