الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ ٱلظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { نَزَلَ بِهِ ٱلرُّوحُ ٱلأَمِينُ } * { عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُنْذِرِينَ } * { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ } * { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ ٱلأَوَّلِينَ } * { أَوَ لَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَىٰ بَعْضِ ٱلأَعْجَمِينَ } * { فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ } * { كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ } * { فَيَأْتِيَهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { فَيَقُولُواْ هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ } * { ثُمَّ جَآءَهُم مَّا كَانُواْ يُوعَدُونَ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يُمَتَّعُونَ } * { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } * { ذِكْرَىٰ وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ ٱلشَّيَاطِينُ } * { وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ } * { إِنَّهُمْ عَنِ ٱلسَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ } * { فَلاَ تَدْعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ ٱلْمُعَذَّبِينَ } * { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ }

{ فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم } وذلك أنهم أصابهم حر شديد فكانوا يدخلون الأسراب، فيجدونها أحر من ذلك فيخرجون فأظلتهم سحابة فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا جميعاً { إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم } وقد تقدم الكلام على هذه القصص في سورة الأعراف وهود فأغنى عن الإعادة هنا والله أعلم بمراده. قوله عز وجل { وإنه } يعني القرآن { لتنزيل رب العالمين } يعني أن فيه من أخبار الأمم الماضية ما يدل على أنه من رب العالمين { نزل به الروح الأمين } يعني جبريل عليه السلام سماه زوجاً لأنه خلق من الروح وسماه أميناً، لأنه مؤتمن على وحيه لأنبيائه { على قلب } يعني على قلبك حتى تعيه وتفهمه ولا تنساه وإنما خص القلب لأنه هو المخاطب في الحقيقة، وأنه موضع التمييز والعقل والاختيار وسائر الأعضاء مسخرة له ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " أخرجاه في الصحيحين. ومن المعقول أن موضع الفرح والسرور، والغم والحزن هو القلب، فإذا فرح القلب أو حزن تغير حال سائر الأعضاء فكأن القلب كالرئيس لها، ومنه أن موضع العقل هو القلب على الصحيح من القولين فإذا ثبت ذلك كان القلب هو الأمير المطلق، وهو المكلف والتكليف مشروط بالعقل والفهم. قوله تعالى { لتكون من المنذرين } أي المخوفين { بلسان عربي مبين } قال ابن عباس بلسان قريش ليفهموا ما فيه { وإنه } يعني القرآن وقيل ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وصفته ونعته { لفي زبر الأولين } أي كتب الأولين { أولم يكن لهم آية } يعني أولم يكن لهؤلاء المتكبرين علامة ودلالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم { أن يعلمه } يعني يعلم محمداً صلى الله عليه وسلم { علماء بني إسرائيل }. قال ابن عباس: بعث أهل مكة إلى اليهود وهم بالمدينة يسألونهم عن محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا إن هذا لزمانه وإنا نجد في التوراة نعته وصفته فكان ذلك آية على صدقه صلى الله عليه وسلم قيل كانوا خمسة عبدالله بن سلام وابن يامين وثعلبة وأسد وأسيد. قوله تعالى { ولو نزلناه } يعني القرآن { على بعض الأعجمين } جمع أعجمي وهو الذي لا يفصح ولا يحسن العربية، وإن كان عربياً في النسب ومعنى الآية، وأنزلنا القرآن على رجل ليس بعربي اللسان { فقرأه عليهم } يعني القرآن { ما كانوا به مؤمنين } أي لقالوا لا نفقه قولك وقيل معناه لما آمنوا به أنفة من اتباع من ليس من العرب { كذلك سلكناه } قال ابن عباس: يعني أدخلنا الشرك والتكذيب { في قلوب المجرمين لا يؤمنون به } آي القرآن { حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون } أي لنؤمن ونصدق وتمنوا الرجعة ولا رجعة لهم { أفبعذابنا يستعجلون } قيل لما وعدهم النبيّ صلى الله عليه وسلم بالعذاب قالوا إلى متى توعدنا بالعذاب ومتى هذا العذاب، فأنزل الله أفبعذابنا يستعجلون { أفرأيت إن متعناهم سنين } أي كفار مكة في الدنيا ولم نهلكهم { ثم جاءهم ما كانوا يوعدون } يعني العذاب { ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون } أي في تلك السنين الكثيرة والمعنى أنهم وإن طال تمتعهم بنعيم الدنيا، فإذا أتاهم العذاب لم يغن عنهم طول التمتع شيئاً ويكونوا كأنهم لم يكونوا في نعيم قط { وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون } أي رسل ينذرونهم { ذكرى } أي تذكرة { وما كنا ظالمين } أي في تعذيبهم حيث قدمنا الحجة عليهم { وما تنزلت به الشياطين } يعني أن المشركين كانوا يقولون: إن الشياطين يلقون القرآن على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ذلك { وما ينبغي لهم } أن ينزلوا بالقرآن { وما يستطيعون } أي ذلك، ثم إنه تعالى ذكر سبب ذلك فقال { إنهم عن السمع لمعزولون } أي محجوبون بالرمي بالشهب فلا يصلون إلى استراق السمع { فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره لأنه معصوم من ذلك.

السابقالتالي
2 3