الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً } * { وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } * { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } * { أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

{ ومن تاب وعمل صالحاً } قيل هذا في التوبة من غير ما سبق ذكره في الآية الأولى من القتل والزنا ومعناه، ومن تاب من الشرك وعمل صالحاً يعني أدّى الفرائض ممن لم يقتل ولم يزن { فإنه يتوب إلى الله } أي يعود إليه بعد الموت { متاباً } أي حسناً يفضل على غيره ممن قتل وزنى فالآية الأولى وهي قوله: ومن تاب رجوع عن الشرك والثانية رجوع إلى الله للجزاء والمكافأة. وقيل: هذه الآية أيضاً في التوبة عن جميع السيئات ومعناه من أراد التوبة، وعزم عليها فليتب إلى الله فقوله يتوب إلى الله خبر بمعنى الأمر أي تب إلى الله وقيل معناه فليعلم أن توبته ومصيره إلى الله تعالى. قوله تعالى { والذين لا يشهدون الزور } يعني الشرك وقيل هي شهادة الزور ق عن أبي بكر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قلنا: بلى يا رسول الله قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال ألا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " وكان عمر بن الخطاب يجلد شاهد الزور أربعين جلدة، ويسخم وجهه ويطوف به في الأسواق وقيل: لا يشهدون الزور يعني أعياد المشركين وقيل: الكذب وقيل: النوح وقيل لا يساعد أهل الباطل على باطلهم وقيل الزور اللهو واللعب والغناء. قال ابن مسعود: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع. وأصل الزور حقيقة تحسين الشيء ووصفه بخلاف صفته فهو تمويه الباطل بما يوهم أنه حق { وإذا مرو باللغو } هو كل ما يجب أن يلغى ويترك { مروا كراماً } يعني إذا سمعوا من الكافر الشتم والأذى أعرضوا وصفحوا فعلى هذا التفسير، تكون الآية منسوخة بآية القتال. وقيل: اللغو المعاصي كلها، والمعنى إذا مروا بمجالس اللهو والباطل مروا كراماً أي مسرعين معرضين، وهو أن ينزه المرء نفسه ويكرمها عن هذه المجالس السيئة { والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً } قيل: معناه أنه ليس فيه نفي الخرور إنما هو إثبات له ونفي الصمم والعمى والمعنى إذا ذكروا بها أكبوا على استماعها بأذان واعية وأقبلوا على المذكر بها بعيون مبصرة راعية. وقيل: معناه لم يخروا أي لم يسقطوا ولم يقعوا عليها صماً وعمياناً، كأنهم بآذانهم صمم وبأعينهم عمى بل يسمعون ما يذكرون به، فيفهمونه ويرون الحق فيه فيتبعونه. قوله عز وجل { والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين } يعني أبراراً فيقرون أعيننا بذلك قيل: ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته، وأولاده مطيعين لله عز وجل فيطمع أن يحلوا معه في الجنة فيتم سروره، وتقر عينه بذلك وقيل: إن العرب تذكر قرة العين عند السرور والفرح وسخنة العين عند الغم والحزن.

السابقالتالي
2