الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهَـٰذَا ٱلَّذِي بَعَثَ ٱللَّهُ رَسُولاً } * { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلاَ أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } * { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً } * { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } * { وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيلَ لِبَاساً وَٱلنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ ٱلنَّهَارَ نُشُوراً } * { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً طَهُوراً }

قوله تعالى: { وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزواً } نزلت في أبي جهل كان إذا مر مع أصحابه قال مستهزئاً { أهذا الذي بعث الله رسولاً إن كان ليضلنا } يعني قد قارب أن يضلنا { عن } عبادة { آلهتنا لولا أن صبرنا عليها } يعني على عبادتها والمعنى لو لم نصبر عليها لصرفنا عنها { وسوف يعلمون حين يرون العذاب } أي في الآخرة عياناً { من أضل سبيلاً } أي أخطأ طريقاً { أرأيت من اتخذ إلهه هواه } وذلك أن الرجل من المشركين كان يعبد حجراً، فإذا رأى حجراً أحسن منه رماه وأخذ الأحسن منه وعبده وقال ابن عباس: أرأيت من ترك عبادة الله خالقه? ثم هوى حجراً فعبده ما حاله عندي وقيل الهوى إله يعبد { أفأنت تكون عليه وكيلاً } أي حافظاً تحفظه من اتباع الهوى وعبادة ما يهواه من دون الله والمعنى لست كذلك وقال الكلبي نسختها آية القتال { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون } أي ما تقول سماع طالب الإفهام { أو يعقلون } يعني ما يعاينون من الحجج والأعلام وهذه المذمة أعظم من التي تقدمت، لأنهم لشدة عنادهم لا يسمعون القول وإذا سمعوه لا يتفكرون فيه، فكأنهم لا سمع لهم ولا عقل ألبتة فعند ذلك شبههم بالأنعام فقال تعالى { إن هم } أي ما هم إلا كالأنعام أي في عدم انتفاعهم بالكلام وعدم إقدامهم على التدبر والتفكير ثم قال تعالى { بل هم أضل سبيلاً } لأن البهائم تهتدي لمراعيها ومشاربها وتنقاد لأربابها الذين يتعاهدونها، وهؤلاء الكفار لا يعرفون طريق الحق ولا يطيعون ربهم الذي خلقهم ورزقهم لأن الأنعام تسجد وتسبح والكفار لا يفعلون ذلك. قوله تعالى { ألم تر إلى ربك كيف مد الظل } هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس جعله ممدوداً، لأنه ظل لا شمس معه { ولو شاء لجعله ساكناً } يعني دائماً ثابتاً لا يزول ولا تذهبه الشمس { ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً } معنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرف الظل، ولولا النور لما عرفت الظلمة، والأشياء تعرف بضدها { ثم قبضناه } يعني الظل { إلينا قبضاً يسيراً } يعني بالشمس التي تأتي عليه والمعنى أن الظل يعم جميع الأرض قبل طلوع الشمس فإذا طلعت الشمس قبض الله الظل جزأ فجرأ قبضاً خفيفاً { وهو الذي جعل لكم الليل لباساً } يعني ستراً تسترون به والمعنى أن الظلمة الليل تغشى كل شيء كاللباس، الذي يشتمل على لابسه { والنوم سباتاً } يعني راحة لأبدانكم وقطعاً لأعمالكم { وجعل النهار نشوراً } يعني يقظة وزماناً تنتشرون فيه لابتغاء رزقكم وطلب الاشتغال { وهو الذي أرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته } يعني المطر { وأنزلنا من السماء ماء طهوراً } الطهور هو الطاهر في نفسه المطهر لغيره فهو اسم لما يتطهر به بدليل ما روي

السابقالتالي
2