قوله عزّ وجلّ: { ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات } أي باسطات أجنحتهن في الهواء قيل خص الطير بالذكر من جملة الحيوان لأنها تكون بين السماء والأرض، فتكون خارجة عن حكم من في السموات والأرض { كل قد علم صلاته وتسبيحه } قيل: الصلاة لبني آدم والتسبيح لسائر الخلق وقيل إن ضرب أجنحة الطير صلاته وتسبيحه، وقيل: معناه إن كل مصل ومسبح علم الله صلاته وتسبيحه وقيل معناه كل مصل ومسبح منهم قد علم صلاة نفسه وتسبيحه { والله عليم بما يفعلون ولله ملك السموات والأرض } أي إن جميع الموجودات ملكه وفي تصرفه وعنه نشأت ومنه بدأت فهو واجد الوجود وقيل معناه أن خزائن المطر والرزق بيده ولا يملكها أحد سواه { وإلى الله المصير } أي وإلى الله مرجع العباد بعد الموت. قوله تعالى { ألم تر أن الله يزجي } أي يسوق { سحاباً } بأمره إلى حيث يشاء من أرضه وبلاده { ثم يؤلف بينه } أي يجمع بين قطع السحاب المتفرقة بعضها إلى بعض { ثم يجعله ركاماً } أي متراكماً بعضه فوق بعض { فترى الودق } أي المطر { يخرج من خلاله } أي من وسطه وهو مخارج القطر { وينزل من السماء من جبال فيها من برد } قيل معناه وينزل من جبال من السماء وتلك الجبال من برد. قال ابن عباس: أخبر الله أن في السماء جبالاً من برد وقيل معناه وينزل من السماء مقدار جبال في الكثرة من برد. فإن قلت: ما الفرق بين من الأولى والثانية والثالثة. قلت: من الأولى لابتداء الغاية لأن ابتداء الإنزال من السماء للتبعيض لأن ما ينزله الله بعض تلك الجبال التي في السماء، والثالثة للتجنيس لأن تلك الجبال من جنس البرد { فيصيب به } أي البرد { من يشاء } فيهلكه وأمواله { ويصرفه عمن يشاء } أي فلا يضره { يكاد سنا برقه } أي ضوء برق السحاب { يذهب بالأبصار } أي من شدة ضوئه وبريقه { يقلب الله الليل والنهار } أي يصرفهما في اختلافهما وتعاقبهما فيأتي بالليل ويذهب بالنهار ويأتي بالنهار ويذهب بالليل ق عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى " يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمن أقلب الليل والنهار " معنى هذا الحديث: أن العرب كانوا يقولون عند النوازل والشدائد أصابنا الدهر ويذمونه في أشعارهم فقيل لهم: لا تسبوا الدهر فإن فاعل ذلك هو الله عز وجل والدهر مصرف تقع فيه التأثيرات كما تقع بكم، وقوله تعالى { إن في ذلك } أي الذي ذكر من هذه الأشياء { لعبرة لأولي الأبصار } أي دلالة لأهل العقول والبصائر على قدرة الله وتوحيده.