الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } * { فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱلآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي ٱلْحَيـاةِ ٱلدُّنْيَا مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ } * { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } * { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ ٱفتَرَىٰ عَلَىٰ ٱللَّهِ كَذِباً وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ } * { قَالَ رَبِّ ٱنْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ } * { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ بِٱلْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ } * { مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ } * { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }

{ إن في ذلك } يعني الذي ذكر من أمر نوح والسفينة وإهلاك أعداء الله { لآيات } يعني دلالات على قدرتنا { وإن كنا } يعني وما كنا { لمبتلين } يعني إلا مختبرين إياهم بإرسال نوح ووعظه وتذكيره لننظر ما هم عاملون قبل نزول العذاب بهم. قوله تعالى { ثم أنشأنا من بعدهم } يعني من بعد إهلاكهم { قرناً آخرين } يعني عاداً { فأرسلنا فيه رسولاً منهم } يعني هوداً قاله أكثر المفسرين وقيل القرن ثمود والرسول صالح والأول أصح { إن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون } يعني هذه الطريقة التي أنتم عليها مخافة العذاب { وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة } يعني بالمصير إليها { وأترفناهم } يعني نعمناهم ووسعنا عليهم { في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون ويشرب مما تشربون } يعني من مشاربكم { ولئن أطعتم بشراً مثلكم إنكم إذاً لخاسرون } يعني لمغبونون { أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون } يعني من قبوركم أحياء { هيهات هيهات } قال ابن عباس أي بعيد بعيد { لما توعدون } استبعد القوم بعثهم بعد الموت إغفالاً منهم للتفكر في بدء أمرهم وقدرة الله على إيجادهم وأرادوا بهذا الاستبعاد أنه لا يكون أبداً { إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا } قيل معناه نحيا ونموت لأنهم كانوا ينكرون البعث وقيل يموت الآباء ويحيا الأبناء وقيل معناه يموت قوم ويحيا قوم { وما نحن بمبعوثين } يعني بعد الموت { إن هو } يعنون رسولهم { إلا رجل افترى على الله كذباً وما نحن له بمؤمنين } يعني بمصدقين بالبعث بعد الموت { قال رب انصرني بما كذبون قال عمّا قليل ليصبحن } يعني ليصيرن { نادمين } على كفرهم وتكذيبهم { فأخذتهم الصيحة بالحق } يعني صيحة العذاب وقيل صاح بهم جبريل فتصدعت قلوبهم وقيل أراد بالصيحة الهلاك { فجعلناهم غثاء } هو ما يحمله السيل من حشيش وعيدان الشجر، والمعنى صيرناهم هلكى فيبسوا يبس الغثاء من بنات الأرض { فبعداً } يعني ألزمنا بعداً من الرحمة { للقوم الظالمين }. قوله عز وجل { ثم أنشأنا من بعدهم قروناً آخرين } يعني أقواماً آخرين { ما تسبق من أمة أجلها } يعني وقت هلاكها { وما يستأخرون } يعني عن وقت هلاكهم { ثم أرسلنا رسلنا تترى } يعني مترادفين يتبع بعضهم بعضاً غير متواصلين لأن بين كل رسولين زمناً طويلاً { كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضاً } يعني بالهلاك فأهلكنا بعضهم في أثر بعض { وجعلناهم أحاديث } يعني سمراً وقصصاً يتحدث من بعدهم بأمرهم وشأنهم { فبعداً لقوم لا يؤمنون }.