الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ } * { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ لَمَيِّتُونَ } * { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } * { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَٰدِرُونَ }

{ الذين يرثون الفردوس } هو أعلى الجنة. عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنّ في الجنة مائة درجة ما بين كل درجة ودرجة كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ومن فوقها يكون العرش فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " أخرجه الترمذي { هم فيها خالدون } أي لا يخرجون منها ولايموتون. قوله عزّ وجلّ { ولقد خلقنا الإنسان } يعني ولد آدم الإنسان اسم جنس { من سلالة من طين } قال ابن عباس السلالة صفوة الماء وقيل هي المني لأن النطفة تسل من الظهر من طين يعني طين آدم لأن السلالة تولدت من طين خلق منه آدم وقيل: المراد من الإنسان هو آدم، وقوله من سلالة أي سل من كل تربة { ثم جعلناه نطفة } يعني الذي هو الإنسان جعلناه نطفة { في قرار مكين } أي حريز وهو الرحم وسمي مكيناً لاستقرار النطفة فيه إلى وقت الولادة { ثم خلقنا النطفة علقة } أي صيرنا النطفة قطعة دم جامد { فخلقنا العلقة مضغة } أي جعلنا الدم الجامد قطعة لحم صغيرة { فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً } وذلك لأن اللحم يستر العظم فجعله كالكسوة له. قيل إن بين كل خلق وخلق أربعين يوماً { ثم أنشأناه خلقاً آخر } أي مبايناً للخلق الأول قال ابن عباس: هو نفخ الروح فيه وقيل جعله حيواناً بعد ما كان جماداً وناطقاً بعدما كان أبكم وسميعاً وكان أصم وبصيراً وكان أكمه وأودع باطنه وظاهره عجائب صنعه وغرائب فطره وعن ابن عباس قال: إن ذلك تصريف أحواله بعد الولادة من الاستهلال إلى الرضاع إلى القعود والقيام إلى المشي إلى الفطام إلى أن يأكل ويشرب إلى أن يبلغ الحلم ويتقلب في البلاد إلى ما بعدها { فتبارك الله } أي استحق التعظيم والثناء بأنه لم يزل ولا يزال { أحسن الخالقين } أي المصورين والمقدرين. فإن قلت كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالىالله خالق كل شيء } [الزمر: 62] وقولههل من خالق غير الله؟ } [فاطر: 3]. قلت الخلق له معان: منها الإيجاد والإبداع ولا موجد ولا مبدع إلاّ الله تعالى. ومنها التقدير كما قال الشاعر:
ولأنت تفري ماخلقت وبعـ ض القوم يخلق ثم لا يفري   
معناه أنت تقدّر الأمور وتقطعها وغيرك لا يفعل ذلك فعلى هذا يكون معنى الآية الله أحسن المقدرين. وجواب آخر وهو أنّ عيسى عليه الصلاة والسلام خلق طيراً وسمّى نفسه خالقاً بقولهأَني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير } [آل عمران: 49] فقال { تبارك الله أحسن الخالقين } { ثم إنكم بعد ذلك } أي بعد ما ذكر من تمام الخلق { لميتون } أي عند انقضاء آجالكم { ثم إنكم يوم القيامة تبعثون } أي للحساب والجزاء.

السابقالتالي
2