الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَٰتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذٰلِكُمُ ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } * { مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } * { ٱللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ ٱلْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }

{ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات } يعني القرآن وصفه بذلك لأنه فيه بيان الأحكام والفصل بين الحلال والحرام { تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر } يعني الإنكار والكراهية يتبين ذلك في وجوههم { يكادون يسطون } يعني يقعون ويبسطون إليكم أيديهم بالسوء وقيل يبطشوه { بالذين يتلون عليهم آياتنا } أي بمحمد وأصحابه من شدة الغيظ { قل } يعني قل لهم يا محمد { أفأنبئكم بشر من ذلكم } يعني بشر لكم وأكره إليكم من هذا القرآن الذي تستمعون { النار } يعني هي النار { وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير } قوله تعالى { يا أيها الناس ضرب مثل } فإن قلت الذي جاء به ليس بمثل فكيف سماه مثلاً. قلت لما كان المثل في الأكثر نكتة عجيبة غريبة جاز أن يسمى كل كلام كان كذلك مثلاً. وقال في الكشاف قد سميت الصفة والقصة الرائقة المتلقاة بالاستحسان والاستغراب مثلاً تشبيهاً لها ببعض الأمثال المسيرة لكونها مسيرة عندهم مستحسنة مستغربة { فاستمعوا له } يعني تدبروه حق تدبره فإنّ الاستماع بلا تدبر وتعقل لا ينفع والمعنى جعل لي شبيه وشبه به الأوثان أي جعل المشركون الأصنام شركائي يعبدونها ثم بين حالها وصفتها فقال تعالى { إن الذين تدعون من دون الله } يعني الأصنام { لن يخلقوا ذباباً } يعني واحداً في صغره وضعفه وقلته لأنها لا تقدر على ذلك { ولو اجتمعوا له } يعني لخلقه، والمعنى أن هذه الأصنام لو اجتمعت لم يقدروا على خلق ذبابة على ضعفها وصغرها فكيف يليق بالعاقل جعلها معبوداً له { وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه } قال ابن عباس: كانوا يطلون الأصنام بالزعفران فإذا جف جاء الذباب فاستلبه منه. وقيل: كانوا يضعون الطعام بين أيدي الأصنام فيقع الذباب عليه ويأكل منه { ضعف الطالب والمطلوب } قال ابن عباس الطالب الذباب يطلب ما يسلب من الطيب الذي على الصنم والمطلوب هو الصنم وقيل الطالب الصنم والمطلوب الذباب أي لو طلب الصنم أن يخلق الذباب لعجز عنه وقيل الطالب عابد الصنم والمطلوب هو الصنم { ما قدروا الله حق قدره } يعني ما عظموه حق عظمته وما عرفوه حق معرفته ولا وصفوه حق صفته حيث أشركوا به ما لا يمتنع من الذباب ولا ينتصف منه { إن الله لقوي عزيز } يعني غالب لا يقهر. قوله عزّ وجلّ { الله يصطفي من الملائكة } يعني يختار من الملائكة { رسلاً } جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وغيرهم { ومن الناس } يعني يختار الله من الناس رسلاً مثل إبراهيم وعيسى ومحمد وغيرهم من الأنبياء والرسل صلّى الله عليهم أجمعين. نزلت حين قال المشركون أأنزل عليه الذكر من بيننا فأخبر الله تعالى أن الاختيار إليه يختار من يشاء من عباده لرسالته { إن الله سميع } يعني بأقوالهم { بصير } يعني لأفعالهم لا تخفى عليه خافية.

السابقالتالي
2