الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ } * { كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱلأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }

قوله عزّ وجلّ: { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } نزلت في النضر بن الحارث كان كثير الجدل وكان يقول للملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين وكان ينكر البعث وإحياء من صار تراباً { ويتبع } يعني في جداله في الله بغير علم { كل شيطان مريد } يعني المتمرد والمستمر في الشر وفيه جهان أحدهما: أنهم شياطين الإنس وهم رؤساء الكفر الذين يدعون من دونهم إلى الكفر والثاني أنه إبليس وجنوده { كتب عليه } يعني قضى على الشيطان { أنه من تولاه } يعني اتبعه { فإنه } يعني الشيطان { يضله } يعني يضل من تولاه عن طريق الجنة { ويهديه إلى عذاب السعير } وفي الآية زجر عن اتباعه والمعنى كتب عليه أنه من يقبل منه فهو في ضلال ثم ألزم الحجة منكري البعث فقال { يا آيها الناس إن كنتم في ريب } يعني شك { من البعث } يعني بعد الموت { فإنّا خلقناكم من تراب } يعني أباكم آدم الذي هو أصل النسل { ثم من نطفة } يعني ذريته من المني وأصلها الماء القليل { ثم من علقة } يعني من دم جامد غليظ وذلك أنّ النطفة تصير دماً غليظاً { ثم من مضغة } وهو لحمة قليلة قدر ما يمضغ { مخلقة وغير مخلقة }. قال ابن عباس: أي تامة الخلق وغير تامة الخلق وقيل مصورة وغير مصورة وهو السقط. وقيل: المخلقة الولد الذي تأتي به المرأة لوقته وغير المخلقة السقط فكأنه سبحانه وتعالى قسم المضغة إلى قسمين أحدهما تام الصورة والحواس والتخطيط، والقسم الثاني هو الناقص عن هذه الأحوال كلها. وروي عن علقمة عن ابن مسعود موقوفاً عليه قال: إن النطفة إذا استقرت في الرحم أخذها ملك بكفه وقال: أي رب مخلقة أو غير مخلقة فإن قال غير مخلقة قذفها في الرحم دماً ولم تكن نسمة وإن قال مخلقة قال الملك: إي رب أذكر أم أثنى شقي أم سعيد ما الأجل ما العمل ما الرزق بأي أرض يموت؟ فيقال له: اذهب إلى أم الكتاب فإنك تجد فيها كل ذلك فيذهب فيجدها في أم الكتاب فينسخها فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفته والذي أخرجاه في الصحيحين عنه قال حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكاً يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فوَ الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل عمل أهل الجنة ما يكون بينه وبينها إلاّ ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه بعمل أهل الجنة فيدخلها "

السابقالتالي
2