الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } * { وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } * { وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَميِقٍ } * { لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ }

قوله عزّ وجلّ: { إنّ الذين كفروا } يعني بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم { ويصدّون عن سبيل الله } أي بالمنع من الهجرة والجهاد والإسلام { والمسجد الحرام } يعني ويصدون عن المسجد الحرام { الذي جعلناه للناس } أي قبلة لصلاتهم ومنسكاً متعبداً { سواء العاكف } أي المقيم { فيه } قال بعضهم ويدخل فيه الغريب إذا جاور وأقام به ولزم التعبد فيه { والباد } أي الطارىء المنتاب إليه من غيره واختلفوا في معنى الآية فقيل سواء العاكف فيه والبادي في تعظيم حرامته وقضاء النسك به. وإليه ذهب مجاهد والحسن وجماعة قالوا: والمراد منه نفس المسجد الحرام ومعنى التسوية في تعظيم الكعبة وفي فضل الصلاة فيه والطواف به. وعن جبير بن مطعم أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلّى أية ساعة شاء من ليل أو نهار " أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي. وقيل: المراد منه جميع الحرم ومعنى التسوية أنّ المقيم والبادي سواء في النزول به ليس أحدهما أحق بالمنزل من الآخر غير أنه لا يزعج أحد أحداً إذا كان قد سبق إلى منزلة وقول ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وابن زيد قالوا: هما سواء في البيوت والمنازل قال عبد الرحمن بن سابط: كان الحجاج إذا قدموا مكة لم يكن أحد من أهل مكة بأحق منهم وكان عمر بن الخطاب ينهى الناس أن يغلقوا أبوابهم في الموسم فعلى هذا القول لا يجوز بيع دور مكة وإجارتها قالوا: إنّ أرض مكة لا تملك لأنها لو ملكت لم يستو العاكف فيها والبادي فلما استويا ثبت أن سبيلها سبيل المساجد وإليه ذهب أبو حنيفة. قالوا: والمراد بالمسجد الحرام جميع الحرم وعلى القول الأول الأقرب إلى الصواب أنه يجوز بيع دور مكة وإجارتها وهو قول طاوس وعمرو بن دينار. وإليه ذهب الشافعي احتج الشافعي في ذلك قوله تعالى:الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق } [الحج: 40]، أضاف الديار إلى مالكيها وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: " من أغلق بابه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن " فنسب الديار إليهم نسبة ملك واشترى عمر بن الخطاب دار السجن بأربعة آلاف درهم فدلت هذه النصوص على جواز بيعها وقوله تعالى { ومن يرد فيه } أي في المسجد الحرام { بإلحاد بظلم } أي يميل إلى الظلم قيل الإلحاد فيه هو الشرك وعبادة غير الله. وقيل: هو كل شيء كان منهياً عنه من قول أو فعل حتى شتم الخادم. وقيل هو دخول الحرم بغير إحرام أو ارتكاب شيء من محظورات الحرم من قتل صيد وقطع شجر.

السابقالتالي
2 3