الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ } * { وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ ٱلْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ ٱلصَّلاَة وَإِيتَآءَ ٱلزَّكَـاةِ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ } * { وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ ٱلْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ } * { وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { وَنُوحاً إِذْ نَادَىٰ مِن قَبْلُ فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ ٱلْكَرْبِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَنَصَرْنَاهُ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } * { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ }

قوله تعالى: { ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة } يعني عطية من عطاء الله. قال ابن عباس: النافلة هو يعقوب لأن الله تعالى أعطى إبراهيم إسحاق بدعائه حيث قال: رب هب لي من الصالحين وزاده يعقوب نافلة وهو ولد الولد { وكلا جعلنا صالحين } يعني إبراهيم وإسحاق ويعقوب { وجعلناهم أئمة } يعني قدوة يهتدى بهم في الخير { يهدون بأمرنا } يعني يدعون الناس إلى ديننا بأمرنا { وأوحينا إليهم فعل الخيرات } يعني العمل بالشرائع { وإقام الصلاة } يعني المحافظة عليها { وإيتاء الزكاة } يعني الواجبة وخصهما لأن الصلاة أفضل العبادات البدنية وشرعت لذكر الله والزكاة أفضل العبادات المالية ومجموعها التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله { وكانوا لنا عابدين } يعني موحدين قوله عز وجل { ولوطاً أتيناه حكماً } أي الفصل بين الخصوم بالحق وقيل أراد الحكمة والنبوة { وعلماً ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث } يعني قرية سدوم وأراد أهلها وأراد بالخبائث إتيان الذكور في أدبارهم، وكانوا يتضارطون في مجالسهم مع أشياء أخرى كانوا يعلمونها من المنكرات { إنهم كانوا قوم سوء فاسقين وأدخلناه في رحمتنا } قيل: أراد بالرحمة النبوة وقيل أراد بها الثواب { إنه من الصالحين } أي الأنبياء. قوله تعالى: { ونوحاً إذ نادى من قبل } أي من قبل إبراهيم ولوط { فاستجبنا له } أي أجبنا دعاءه { فنجيناه وأهله من الكرب العظيم } قال ابن عباس من الغرق وتكذيب قومه له، وقيل: إنه كان أطول الأنبياء عمراً وأشدهم بلاء. والكرب أشد الغم { ونصرناه } أي منعناه { من القوم الذين كذبوا بآياتنا } من أن يصلوا إليه بسوء وقيل من بمعنى على { إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين }. قوله عز وجل { وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث } قال ابن عباس وأكثر المفسرين: كان الحرث كرماً قد تدلت عناقيده وقيل كان زرعاً وهو أشبه بالعرف { إذ نفشت فيه غنم القوم } أي رعته ليلاً فأفسدته وكان بلا راع { وكنا لحكمهم شاهدين } أي كان ذلك بعلمنا ومرأى منا لا يخفى علينا علمه. وفيه دليل لمن يقول بأن أقل الجمع اثنان لقوله وكنا لحكمهم والمراد به داود وسليمان قال ابن عباس وغيره. إن رجلين دخلا على داوود أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم فقال صاحب الزرع إن غنم هذا دخلت زرعي ليلاً فوقعت فيه فأفسدته فلم تبق منه شيئاً فأعطاه رقاب الغنم بالزرع، فخرجا فمرا على سليمان فقال: كيف قضى بينكما فأخبراه فقال سليمان: لو وليت أمركما لقضيت بغير هذا وروي أنه قال غير هذا أرفق بالفريقين، فأخبر بذلك داود فدعاه وقال: كيف تقضي ويروى أنه قال له بحق النبوة والأبوة إلا ما أخبرتني بالذي هو أرفق بالفريقين؟ قال أدفع الغنم إلى صاحب الحرث ينتفع بدرها ونسلها وصوفها ومنافعها، ويزرع صاحب الغنم لصاحب الحرث مثل حرثه، فإذا صار الحرث كهيئته يوم أكل دفع إلى صاحبه وأخذ صاحب الغنم غنمه فقال داود: القضاء ما قضيت وحكم بذلك، فقيل: كان لسليمان يوم حكم بذلك من العمر إحدى عشر سنة.

السابقالتالي
2 3