الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْنَا يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } * { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ ٱلأَخْسَرِينَ } * { وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ }

قال عز وجل: { قلنا } يعني { يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم } قال ابن عباس: لو لم يقل سلاماً لمات إبراهيم من بردها، وفي بعض الآثار أنه لم يبق يومئذ نار في الأرض إلا طفئت فلم ينتفع في ذلك اليوم بنار في العالم، ولو لم يقل على إبراهيم بقيت ذات برد أبداً، وقيل: أخذت الملائكة بضبعي إبراهيم فأقعدوه على الأرض فإذا عين ماء عذب وورد أحمر ونرجس. قال كعب: ما أحرقت النار من إبراهيم إلا وثاقه قالوا: وكان إبراهيم في ذلك الموضع سبعة أيام، قاله المنهال بن عمرو وقال إبراهيم: ما كنت أياماً قط أنعم مني من الإيام التي كنت في النار. وقيل: وبعث الله تعالى ملك الظل في صورة إبراهيم فقعد إلى جنب إبراهيم يؤنسه. قالوا: وبعث الله عز وجل جبريل بقميص من حرير الجنة وطنفسة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه، وقال جبريل: يا إبراهيم إن ربك يقول: أما علمت أن النار لا تضر أحبائي. ثم نظر نمرود وأشرف على إبراهيم من صرح له فرأه جالساً في روضة والملك قاعد إلى جنبه وما حوله نار تحرق الحطب، فناداه يا إبراهيم كبير إلهك الذي بلغت قدرته أن حال بينك وبين النار يا إبراهيم هل تستطيع أن تخرج منها قال نعم. قال: هل تخشى إن قمت أن تضرك قال لا. قال: فقم فاخرج منها فقام إبراهيم يمشي فيها حتى خرج منها فلما وصل إليه قال له إبراهيم من الرجل الذي رأيته معك مثلك في صورتك قاعداً إلى جنبك؟ قال: ذلك ملك الظل أرسله إلى ربي ليؤنسني فيها فقال نمرود يا إبراهيم إني مقرب إلى إلهك قرباناً لما رأيت من قدرته وعزته فيما صنع بك حين أبيت إلا عبادته وتوحيده وإني ذابح له أربعة آلاف بقرة. قال إبراهيم: لا يقبل الله منك ما دمت على دينك حتى تفارقه وترجع إلى ديني فقال: لا أستطيع ترك ملكي ولكن سوف أذبحها، فذبحها نمرود، وكف عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومنعه الله عز وجل منه قوله عز وجل { وأرادوا به كيداً } يعني أرادوا أن يكيدوه { فجعلناهم الأخسرين } قيل: معناه أنهم خسروا السعي والنفقة ولم يحصل لهم مرادهم. وقيل: إن الله تعالى أرسل على نمرود وقومه البعوض فأكلت لحومهم وشربت دماءهم ودخلت في دماغه بعوضة فأهلكته. قوله تعالى: { ونجيناه ولوطاً } يعني من نمرود وقومه { إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين } يعني إلى أرض الشام بارك الله فيها بالخصب وكثرة الأشجار والثمار والأنهار. وقال أبي بن كعب: بارك الله فيها وسماها مباركة لأنه ما من ماء عذب إلا وينبع أصله من تحت الصخرة التي ببيت المقدس.

السابقالتالي
2