الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } * { قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيۤ أَعْطَىٰ كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ } * { قَالَ فَمَا بَالُ ٱلْقُرُونِ ٱلأُولَىٰ } * { قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لاَّ يَضِلُّ رَبِّي وَلاَ يَنسَى } * { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ } * { كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } * { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ } * { وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ } * { قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } * { فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ } * { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ }

{ قال } يعني فرعون { فمن ربكما يا موسى } أي فمن إلهكما الذي أرسلكما { قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } أي كل شيء يحتاجون إليه ويرتفقون به، وقيل أعطى كل شيء صلاحه وهداه، وقيل أعطى كل شيء صورته فخلق اليد للبطش والرجل للمشي واللسان للنطق والعين للنظر والأذن للسمع ثم هداه إلى منافعه من المطعم والمشرب والمنكح، وقيل يعني جعل زوجة الرجل المرأة والبعير الناقة والفرس الرمكة وهي الحجرة والحمار الأتان ثم هدى ألهمه كيف يأتي الذكر الأنثى { قال } يعني فرعون { فما بال القرون الأولى } أي فما حال القرون الماضية والأمم الخالية مثل قوم نوح وعاد وثمود فإنها كانت تعبد الأوثان وتنكر البعث، وإنما قال فرعون ذلك لموسى حين خوفهم مصارع الأمم الخالية فحينئذٍ قال فرعون فما بال القرون الأولى { قال } يعني موسى { علمها عند ربي } أي أعمالهم محفوظة عند الله يجازي بها، وقيل إنما رد على موسى علم ذلك إلى الله تعالى لأنه لم يعلم ذلك لأن التوراة إنما نزلت بعد هلاك فرعون وقومه { في كتاب } يعني اللوح المحفوظ { لا يضل ربي } أي لا يخطىء وقيل لا يغيب عنه شيء { ولا ينسى } أي فيتذكر وقيل لا ينسى ما كان من أعمالهم حتى يجازيهم بها { الذي جعل لكم الأرض مهداً } أي فراشاً وقيل مهدها لكم { وسلك لكم فيها سبلاً } أي أدخل في الأرض لأجلكم طرقاً وسهلها لكم لتسلكوها { وأنزل من السماء ماء } يعني المطر ثم الأخبار عن موسى ثم قال الله تعالى { فأخرجنا به } أي بذلك الماء { أزواجاً } أي أصنافاً { من نبات شتى } أي مختلف الألوان والطعوم والمنافع فمنها ما هو للناس ومنها ما هو للدواب { كلوا وارعوا أنعامكم } أي أخرجنا أصناف النبات للانتفاع بالأكل والرعي { إن في ذلك } أي الذي ذكر { لآيات لأولي النهى } أي لذوي العقول، قيل هم الذين ينتهون عما حرم الله عليهم { منها خلقناكم } أي من الأرض خلقنا آدم، وقيل إن الملك ينطلق فيأخذ من التراب الذي يدفن فيه فيذره في النطفة فيخلق من التراب ومن النطفة { وفيها نعيدكم } أي عند الموت والدفن { ومنها نخرجكم تارة أخرى } أي يوم القيامة للبعث والحساب. قوله تعالى { ولقد أريناه } يعني فرعون { آياتنا كلها } يعني الآيات التسع التي أعطاها الله موسى { فكذب وأبى } يعني فرعون وزعم أنها سحر وأبى أن يسلم { قال } يعني فرعون { أجئتنا لتخرجنا من أرضنا } يعني مصر { بسحرك يا موسى } يريد أن تغلب على ديارنا فيكون لك الملك وتخرجنا منها { فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعداً } أي اضرب أجلاً وميقاتاً { لا نخلفه } لا نجاوزه { نحن ولا أنت مكاناً سوىً } أي مكاناً عدلاً وقال ابن عباس: نصفاً تستوي مسافة الفريقين إليه وقيل معناه سوى هذا المكان { قال } يعني موسى { موعدكم يوم الزينة } قيل كان يوم عيد لهم يتزينون فيه ويجتمعون في كل سنة وقيل هو يوم النيروز وقال ابن عباس يوم عاشوراء { وأن يحشر الناس ضحى } أي وقت الضحوة نهاراً جهاراً ليكون أبعد من الريبة { فتولى فرعون فجمع } يعني فرعون { كيده } يعني مكره وسحره وحيله { ثم أتى } يوم المعاد { قال لهم موسى } يعني للسحرة الذين جمعهم فرعون وكانوا اثنين وسبعين ساحراً مع كل ساحر حبل وعصا وقيل كانوا أربعمائة وقيل كانوا اثني عشر ألفاً { ويلكم لا تفتروا على الله كذباً فيسحتكم بعذاب } أي فيهلكنكم ويستأصلكم { وقد خاب من افترى } أي خسر من ادعى مع الله إلهاً آخر وقيل معناه خسر من كذب على الله تعالى.