الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي } * { وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي } * { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي } * { يَفْقَهُواْ قَوْلِي } * { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي } * { هَارُونَ أَخِي } * { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } * { وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } * { كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً } * { وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً } * { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً } * { قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } * { وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ } * { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } * { أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } * { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ }

قوله عز وجل: { اذهب إلى فرعون إنه طغى } يعني جاوز الحد في العصيان والتمرد وإنما خص فرعون بالذكر مع أن موسى كان مبعوثاً إلى الكل لأنه ادعى الإلهية وتكبر متبوعاً فكان ذكره الأولى قال وهب: قال الله تعالى لموسى اسمع كلامي واحفظ وصيتي وانطلق برسالتي وإنك بعيني وسمعي وإن معك يدي وبصري وإني ألبسك حلة من سلطاني تستكمل بها القوة في أمري بعثتك بعزتي لولا الحجة التي وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار ولكن هان علي وسقط من عيني فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وحذره نقمتي { وقولا له قولاً ليناً } لا يغتر بلباس الدنيا فإن ناصيته بيدي ولا يتنفس إلا بعلمي قال فسكت موسى فجاء ملك وقال له أجب ربك { قال }. يعني موسى { رب اشرح لي صدري } يعني وسعه للحق، قال ابن عباس: يريد حتى لا أخاف غيرك، وذلك أن موسى كان يخاف فرعون خوفاً شديداً لشدة شوكته وكثرة جنوده، فكان يضيق بما كلف من مقاومة فرعون وحده، فسأل الله تعالى أن يوسع قلبه للحق حتى يعلم أن أحداً لا يقدر على مضرته إلا بإذن الله تعالى، وإذ علم ذلك لم يخف من فرعون وشدة شوكته وكثرة جنوده { ويسر لي أمري } أي سهل علي ما أمرتني به من تبليغ الرسالة إلى فرعون { واحلل عقدة من لساني } وذلك أن موسى كان في حجرة فرعون ذات يوم في صغره فلطم فرعون لطمة وأخذ بلحيته، فقال فرعون لامرأته آسية إن هذا عدوي وأراد أن يقتله، فقالت له آسية إنه صبي لا يعقل، وقيل إن أم موسى لما فطمته ردته إلى فرعون فنشأ في حجره وحجر امراته يربيانه واتخذاه ولداً، فبينما هو يلعب بين يدي فرعون وبيده قضيب إذ رفعه فضرب به رأس فرعون فغضب فرعون وتطير منه حتى همَّ بقتله، فقالت آسية: أيها الملك إنه صبي لا يعقل جربه إن شئت، فجاءت بطشتين في أحدهما جمر وفي الآخر جوهر فوضعها بين يدي موسى، فأراد أن يأخذ الجوهر فأخذ جبريل يد موسى فوضعها على الجمر فأخذ جمرة فوضعها في فيه فاحترق لسانه وصارت فيه عقدة { يفقهوا قولي } يعني احلل العقدة كي يفهموا قولي { واجعل لي وزيراً من أهلي } يعني معيناً وظهيراً، والوزير من يوازرك ويحتمل عنك بعض ثقل عملك ثم بين من هو فقال { هارون أخي } وكان هارون أكبر من موسى وأفصح لساناً وأجمل وأوسم وكان أبيض اللون وكان موسى آدم أقنى جعداً { اشدد به أزري } يعني قو به ظهري { وأشركه في أمري } يعني في أمر النبوة وتبليغ الرسالة { كي نسبحك كثيراً } يعني نصلي كثيراً { ونذكرك كثيراً } يعني نحمدك ونثني عليك بما أوليتنا من جميل نعمك { إنك كنت بنا بصيراً } يعني خبيراً عليماً { قال } الله تعالى { قد أوتيت سؤلك يا موسى } أي أعطيت جميع ما سألته { ولقد مننا عليك مرة أخرى } يعني قيل هذه المرة بين تلك المنة بقوله تعالى { إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى } يعني ما يلهم ثم فسر ذلك الإلهام وعدد نعمه عليه فقال { أن اقذفيه في التابوت } يعني ألهمناها أن اجعليه في التابوت { فاقذفيه في اليم } يعني نهر النيل { فليلقه اليم بالساحل } يعني شاطىء البحر { يأخذه عدو لي وعدو له } يعني فرعون.

السابقالتالي
2