الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ ٱلأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ ٱلْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }

قوله عز وجل: { يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم } أي من خيار ما كسبتم وجيده وقيل: من حلالات ما كسبتم بالتجارة والصناعة وفيه دليل على إباحة الكسب وأنه ينقسم إلى طيب وخبيث.عن خولة الأنصارية قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن هذا المال خضر حلو من أصابه بحق بورك له فيه، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلاّ النار " أخرجه الترمذي. المتخوض الذي يأخذ المال من غير وجهه كما يخوض الإنسان في الماء يميناً وشمالاً خ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن حلال أم من حرام " خ عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده " عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم " أخرجه الترمذي والنسائي. واختلفوا في المراد بقوله تعالى: { انفقوا } فقيل: المراد به الزكاة المفروضة لأن الأمر للوجوب والزكاة واجبة فوجب صرف الآية إليها وقيل: المراد به صدقة التطوع وقيل: إنه يتناول الفرض والنفل جميعاً لأن المفهوم من هذا الأمر ترجيح جانب الفعل على الترك وهذا المفهوم قدر مشترك بين الفرض والنفل فوجب أن يدخل تحت هذا الأمر فعلى القول الأول أن المراد من هذا الإنفاق هو الزكاة يتفرع عليه مسائل: المسألة الأولى: ظاهر الآية يدل على وجوب الزكاة في كل مال يكتسبه الإنسان فيدخل فيه زكاة الذهب والفضة والنعم وعروض التجارة، لأن ذلك يوصف بأنه مكتسب وذهب جمهور العلماء إلى وجوب الزكاة في مال التجارة وقال داود الظاهري: لا تجب الزكاة بحكم التجارة في العروض إلاّ أن ينوي به التجارة في حال تملكه، ودليل الجمهور ما روي عن سمرة بن جندب قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بإخراج الصدقة من الذي يعد للبيع " أخرجه أبو داود وعن أبي عمرو بن خماس أن أباه قال: مررت بعمر بن الخطاب وعلى عنقي أدمة أحملها فقال عمر ألا تؤدي زكاتك يا خماس فقلت مالي غير هذا واهب في القرظ قال: ذاك مال فضع فوضعها فحسبها فأخذ منها الزكاة فإذا حال الحول على عروض التجارة قوم فإن بلغ قيمته عشرين ديناراً أو مائتي درهم منه ربع العشر. المسألة الثانية: في قوله تعالى: { ومما أخرجنا لكم من الأرض } ظاهر الآية يدل على وجوب الزكاة في كل ما خرج من الأرض من النبات مما يزرع الآدميون، لكن جمهور العلماء خصصوا هذا العموم فأوجبوا الزكاة في النخيل، والكروم وفيما يقتات ويدخر من الحبوب وأوجب أبو حنيفة الزكاة في كل ما يقصد من نبات الأرض، كالفواكه والبقول والخضراوات كالبطيخ والقثاء والخيار ونحو ذلك.

السابقالتالي
2 3