الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لاَّ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً } * { قَالُواْ يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَىٰ أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً }

قوله عز وجل: { ثم أتبع سبباً حتى إذا بلغ بين السدين } هما هنا جبلان في ناحية الشمال في منقطع أرض الترك حكي أن الواثق بعث بعض من يثق به من أتباعه إليه ليعاينوه، فخرجوا من باب من الأبواب حتى وصلوا إليه وشاهدوه فوصفوا أنه بناء من لبن حديد مشدود بالنحاس المذاب وعليه باب مقفل { وجد من دونهما قوماً } أي أمام السدين قيل هم الترك { لا يكادون يفقهون قولاً } قال ابن عباس: لا يفهمون كلام أحد ولا يفهم الناس كلامهم { قالوا يا ذا القرنين } فإن قلت كيف أثبت لهم القول وهم لا يفهمون. قلت تكلم عنهم مترجم ممن هو مجاورهم ويفهم كلامهم، وقيل معناه لا يكادون يفقهون قولاً إلا بجهد ومشقة من إشارة ونحوها كما يفهم الخرس { إن يأجوج ومأجوج } أصلهما من أجيج النار وهو ضوؤها وشررها شبهوا به لكثرتهم وشدتهم، وهم من أولاد يافت بن نوح والترك منهم قيل إن طائفة منهم خرجت تغير فضرب ذو القرنين السد فبقوا خارجه فسموا الترك لأنهم تركوا خارجين. قال أهل التواريخ: أولاد نوح ثلاثة سام وحام ويافث فسام أبو العرب والعجم والروم وحام أبو الحبشة والزنج والنوبة ويافث أبو الترك والخزر والصقالبة ويأجوج ومأجوج قال ابن عباس " هم عشرة أجزاء وولد آدم كلهم جزء " وروى حذيفة مرفوعاً " أن يأجوج ومأجوج أمة، وكل أمة أربعة آلاف أمة لا يموت الرجل منهم حتى ينظر ألف ذكر من صلبه قد حمل السلاح، وهم من ولد آدم يسيرون إلى خراب الدنيا، وقال هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز شجر بالشام طوله عشرون ومائة ذراع في السماء، وصنف منهم عرضه وطوله سواء عشرون ومائة ذراع وهؤلاء لا يقوم لهم جبل ولا حديد، وصنف منهم يفترش أحدهم أذنه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا خنزير إلا أكلوه ومن مات منهم أكلوه، مقدمتهم بالشام وساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية. وعن علي: منهم من طوله شبر، ومنهم من هو مفرط في الطول. وقال كعب: هم نادرة في ولد آدم وذلك أن آدم احتلم ذات يوم، وامتزجت نطفته بالتراب، فخلق الله من ذلك الماء يأجوج ومأجوج فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم، وذكر وهب بن منبه أن ذا القرنين كان رجلاً من الروم ابن عجوز. فلما بلغ كان عبداً صالحاً قال الله سبحانه وتعالى إني باعثك إلى أمم مختلفة ألسنتهم منهم أمتان بينهما طول الأرض إحداهما عند مغرب الشمس. يقال له ناسك، والأخرى عند مطلعها يقال لها منسك وأمتان بينهما عرض الأرض إحداهما في القطر الأيمن يقال لها هاويل، والأخرى في قطر الأرض الأيسر يقال لها تأويل، وأمم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج.

السابقالتالي
2