الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُواْ شُرَكَآئِيَ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُم مَّوْبِقاً } * { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً } * { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ ٱلإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً } * { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ وَيَسْتَغْفِرُواْ رَبَّهُمْ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ ٱلْعَذَابُ قُبُلاً } * { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَٰدِلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلْبَٰطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ وَٱتَّخَذُوۤاْ ءَايَٰتِي وَمَآ أُنْذِرُواْ هُزُواً } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَٰتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَىٰ ٱلْهُدَىٰ فَلَنْ يَهْتَدُوۤاْ إِذاً أَبَداً } * { وَرَبُّكَ ٱلْغَفُورُ ذُو ٱلرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ ٱلْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاً } * { وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } * { وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً }

قوله عز وجل: { ويوم يقول نادوا } يعني يقول الله تعالى يوم القيامة نادوا { شركائي } يعني الأصنام { الذين زعمتم } يعني أنهم شركائي { فدعوهم } أي فاستغاثوا بهم { فلم يستجيبوا لهم } أي فلم يجيبوهم ولم ينصروهم { وجعلنا بينهم } يعني بين الأصنام وعبدتها وقيل بين أهل الهدى وبين أهل الضلال { موبقاً } يعني مهلكاً قال ابن عباس: هو واد في النار وقيل نهر تسيل منه نار وعلى حافتيه حيات مثل البغال الدهم وقيل كل حاجز بين شيئين فهو موبق وأصله الهلاك { ورأى المجرمون } أي المشركون { النار فظنوا } أي أيقنوا { أنهم مواقعوها } أي داخلوها وواقعون فيها { ولم يجدوا عنها مصرفاً } أي معدلاً لأنها أحاطت بهم من كل جانب وقيل لأن الملائكة تسوقهم إليها. قوله سبحانه وتعالى { ولقد صرفنا } أي بينا { في هذا القرآن للناس من كل مثل } أي ليتذكروا ويتعظوا { وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً } أي خصومة في الباطل قال ابن عباس: أراد النضر بن الحارث وجداله في القرآن وقيل أراد به أبي بن خلف وقيل أراد به جميع الكفار وقيل الآية على العموم وهو الأصح ق " عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلاً فقال: " ألا تصليان ". فقلت يا رسول الله أنفسنا بيد الله تعالى فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت ذلك ولم يرجع إلى شيئاً ثم سمعته يقول وهو مول يضرب فخذه بيده { وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً } " قوله عز وجل { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى } يعني القرآن وأحكام الإسلام والبيان من الله تعالى وقيل إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم { ويستغفروا ربهم } والمعنى أنه لا مانع من الإيمان ولا من الاستغفار والتوبة والتخلية حاصلة والأعذار زائلة فلم لم يقدموا على الإيمان والاستغفار { إلا أن تأتيهم سنة الأولين } يعني سنتنا بإهلاك الأولين إن لم يؤمنوا وهو عذاب الاستئصال { أو يأتيهم العذاب قبلاً } قال ابن عباس: أي عياناً من المقابلة وقيل فجأة. قوله سبحانه وتعالى { وما نرسل المرسلين إلا مبشرين } أي بالثواب على الطاعة { ومنذرين } بالعقاب لمن عصى { ويجادل الذين كفروا بالباطل } هو قولهمأبعث الله بشراً رسولاً } [الإِسراء: 94] وقولهم للرسلما أنتم إلا بشر مثلنا } [يس: 15] وشبه ذلك { ليدحضوا } أي ليبطلوا { به الحق } ويزيلوه { واتخذوا آياتي وما أنذروا هزواً } فيه إضمار يعني اتخذوا ما أنذروا به وهو القرآن استهزاء. قوله عز وجل { ومن أظلم ممن ذكر } أي وعظ { بآيات ربه فأعرض عنها } أي تولى عنها وتركها ولم يؤمن بها { ونسي ما قدمت يداه } أي ما عمل من المعاصي من قبل { إنا جعلنا على قلوبهم أكنة } أي أغطية { أن يفقهوه } يريد لئلا يفهموه { وفي آذانهم وقراً } أي ثقلاً وصماً { وإن تدعهم } يا محمد { إلى الهدى } أي الدين { فلن يهتدوا إذاً أبداً } وهذا في أقوام علم الله منهم أنهم لا يؤمنون { وربك الغفور } أي البليغ المغفرة { ذو الرحمة } أي الموصوف بالرحمة { لو يؤآخذهم } أي يعاقب الكفار { بما كسبوا } من الذنوب { لعجل لهم العذاب } أي في الدنيا { بل لهم موعد } يعني البعث والحساب { لن يجدوا من دونه موئلاً } أي ملجأ { وتلك القرى } قرى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم { أهلكناهم لما ظلموا } أي كفروا { وجعلنا لمهلكهم موعداً } أي أجلاً لإهلاكهم.

السابقالتالي
2 3 4