الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } * { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلْمُضِلِّينَ عَضُداً }

قوله عز وجل: { ووضع الكتاب } يعني صحائف أعمال العباد توضع في أيدي الناس في أيمانهم وشمائلهم، وقيل توضع بين يدي الله تعالى { فترى المجرمين مشفقين } أي خائفين { مما فيه } يعني من الأعمال السيئة { ويقولون } يعني إذا رأوها { يا وليتنا } أي يا هلاكنا وكل من وقع في هلكة دعا بالويل { مال هذا الكتاب لا يغادر } أي لا يترك { صغيرة ولا كبيرة } أي من ذنوبنا الصغيرة { إلا أحصاها } أي عدها وكتبها وأثبتها فيه وحفظها، قال ابن عباس: الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة. وقال سعيد بن جبير: الصغيرة اللمم واللمس والقبلة والكبيرة الزنا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب مثل قوم نزلوا في بطن واد فجاء هذا بعود وجاء هذا بعود فانضجوا خبزهم وإن محقرات الذنوب لموبقات " الحقير الشيء الصغير التافه وقوله لموبقات أي مهلكات. { ووجدوا ما عملوا حاضراً } أي مكتوباً أي مثبتاً في كتابهم { ولا يظلم ربك أحداً } أي لا ينقص ثواب أحد عمل خيراً ولا يؤاخذ أحداً بجرم لم يعمله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه سلم: " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " أخرجه الترمذي. وقال لا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة وقد رواه بعضهم عن الحسن عن أبي موسى. قوله سبحانه وتعالى { وإذ قلنا } أي واذكر يا محمد إذ قلنا { للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن } قال ابن عباس: كان من حي من الملائكة يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم وقال الحسن: كان من الجن ولم يكن من الملائكة فهو أصل الجن، كما أن آدم أصل الإنس وكونه من الملائكة لا ينافي كونه من الجن بدليل قوله سبحانه تعالى وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً، وذلك أن قريشاً قالت الملائكة بنات الله، فهذا يدل على أن الملك يسمى جناً ويعضده اللغة لأن الجن مأخوذ من الاجتنان، وهو الستر فعلى هذا تدخل الملائكة فيه فكل الملائكة جن لاستتارهم وليس كل جن ملائكة، ووجه كونه من الملائكة أن الله سبحانه وتعالى استثناه من الملائكة والاستثناء يفيد إخراج ما لولاه لدخل ويصح دخوله وذلك يوجب كونه من الملائكة ووجه من قال إنه كان من الجن ولم يكن من الملائكة قوله كان من الجن والجن جنس مخالف للملائكة قوله أفتتخذونه وذريته فأثبت له ذرية والملائكة لا ذرية لهم، وأجيب عن الاستثناء أنه استثناء منقطع وهو مشهور في كلام العرب قال الله سبحانه وتعالى

السابقالتالي
2