الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِٱلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً } * { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } * { قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنْسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }

قوله سبحانه وتعالى: { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } ق عن عبد الله بن مسعود قال: بينما أنا أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوكأ على عسيب معه فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. وقال بعضهم: لا تسألوه يسمعكم ما تكرهون فقاموا إليه، وفي رواية، فقام إليه رجل منهم فقال: يا أبا القاسم ما الروح؟ فسكت وفي رواية، فقالوا حدثنا عن الروح، فقام ساعة ينتظر الوحي، وعرفت أنه يوحى إليه فتأخرت حتى صعد الوحي قال: ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر بي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً. فقال بعضهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه. وفي رواية وما أتوا من العلم إلا قليلاً. قال الأعمش هكذا في قراءتنا. العسيب: جريد النخل وسعفه. وقال ابن عباس: إن قريشاً اجتمعوا وقالوا إن محمداً نشأ فينا بالأمانة والصدق وما اتهمناه بكذب قط، وقد ادعى ما ادعى فابعثوا نفراً إلى اليهود بالمدينة واسألوهم عنه فإنهم أهل كتاب، فبعثوا جماعة إليهم فقالت اليهود سلوه عن ثلاثة أشياء فإن أجاب عن كلها، أو لم يجب عن شيء منها فليس بنبي وإن أجاب عن اثنتين ولم يجب عن واحد فهو نبي فسألوه عن فتية فقدوا في الزمن الأول ما كان شأنهم، فإنه كان لهم حديث عجيب، وعن رجل بلغ مشرق الأرض ومغربها ما خبره وعن الروح قال فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبركم بما سألتم غداً، ولم يقل إن شاء الله فلبث الوحي. قال مجاهد: اثني عشر يوماً وقيل: خمسة عشر يوماً وقيل أربعين يوماً وأهل مكة يقولون: قد وعدنا محمداً غداً وقد أصبحنا لا يخبرنا بشيء، حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكث الوحي وشق عليه ما يقوله أهل مكة ثم نزل جبريل عليه السلام بقوله تعالى:ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله } [الكهف: 23-24] ونزل في الفتيةأم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً } [الكهف: 9] نزل فيم بلغ المشرق والمغرب، قولهويسألونك عن ذي القرنين } [الكهف: 83] ونزل في الروح { ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } واختلفوا في الذي وقع السؤال عنه، فروي عن ابن عباس أنه جبريل وعن علي أنه ملك له سبعون ألف وجه في كل وجه سبعون ألف لسان لكل لسان سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بكلها. وقال مجاهد: خلق على صورة بني آدم، لهم أيد وأرجل ورؤوس ليسوا بملائكة ولا ناس يأكلون الطعام. وقال سعيد بن جبير لم يخلق الله خلقاً أعظم من الروح غير العرش لو شاء أن يبتلع السموات والأرض ومن فيها بلقمة واحدة لفعل ذلك صورة خلقه على صورة الملائكة، وصورة وجهه على صورة وجه الآدميين، يقوم يوم القيامة على يمين العرش، وهو أقرب الخلق إلى الله تعالى اليوم عند الحجب السبعين وأقرب الخلق إلى الله يوم القيامة وهو ممن يشفع لأهل التوحيد، ولولا أن بينه وبين الملائكة ستراً من نور لاحترق أهل السموات من نوره.

السابقالتالي
2 3