الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً } * { وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً } * { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } * { إِذاً لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ ٱلْحَيَاةِ وَضِعْفَ ٱلْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً } * { وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً }

{ ومن كان في هذه أعمى } المراد عمى القلب والبصيرة لا عمى البصر. والمعنى: ومن كان في هذه الدنيا أعمى، أي عن هذه النعم التي قد عدها في هذه الآيات { فهو في الآخرة } أي التي لم تعاين ولم تر { أعمى وأضل سبيلاً } قاله ابن عباس: وقيل معناه ومن كان في هذه الدنيا أعمى القلب عن رؤية قدرة الله وآياته ورؤية الحق فهو في الآخرة أعمى أي أشد عمى وأضل سبيلاً، أي أخطأ طريقاً. وقيل: معناه ومن كان في الدنيا كافراً ضالاً، فهو في الآخرة أعمى لأنه في الدنيا تقبل توبته، وفي الآخرة لا تقبل تبوته، قوله سبحانه وتعالى { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك } قيل في سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الحجر الأسود، فمنعته قريش وقالوا: لا ندعك حتى تلم بآلهتنا وتمسها فحدث نفسه ما علي أن أفعل ذلك، والله يعلم إني لها كاره بعد أن يدعوني أستلم الحجر. وقيل طلبوا منه أن يذكر آلهتهم حتى يسلموا، ويتبعوه فحدث نفسه فأنزل الله هذه الآية. وقال ابن عباس: قد وفد ثقيف على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: نبايعك على أن تعطينا ثلاث خصال. قال: وما هن؟ قالوا: لا نحبي في الصلاة أي لا ننحني و لا نكسر أصنامنا بأيدينا وأن تمتعنا باللات سنة من غير أن نعبدها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود، وأما أن لا تكسروا أصنامكم بأيديكم، فذلك لكم وأما الطاغية يعني اللات والعزى فإني غير ممتعكم بها " قالوا: يا رسول الله إنا نحب أن تسمع العرب أنك أعطيتنا ما لم تعط غيرها فإن خشيت أن تقول العرب أعطيتهم ما لم تعطنا فقل الله أمرني بذلك فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فطمع القوم في سكوته أن يعطيهم ذلك فأنزل الله تعالى وإن كادوا ـ أي هموا ـ ليفتنونك ـ أي ليصرفونك ـ عن الذي أوحينا إليك { لتفتري } أي لتختلق وتبتعث { علينا غيره } ما لم تقله { وإذاً } أي لو فعلت ما دعوك إليه { لاتخذوك خليلاً } أي والوك ووافوك وصافوك { ولولا أن ثبتناك } أي على الحق بعصمتنا إياك { لقد كدت تركن } أي تميل { إليهم شيئاً قليلاً } أي قربت من الفعل. فإن قلت كان النبي صلى الله عليه وسلم معصوماً فكيف يجوز أن يقرب مما طلبوه. قلت: كان ذلك خاطر قلب ولم يكن عزماً وقد عفا الله تعالى عن حديث النفس وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد ذلك " اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين "

السابقالتالي
2