الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً } * { ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً } * { وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } * { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَآ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ ٱلدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً } * { ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ ٱلْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً } * { إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ ٱلْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً }

{ وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً وَقَضَيْنَآ إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي ٱلْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي ٱلأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً } { وآتينا موسى الكتاب } يعني التوراة { هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا } يعني وقلنا لهم: لا تتخذوا { من دوني وكيلاً } يعني رباً كفيلاً { ذرية } يعني يا ذرية { من حملنا مع نوح إنه كان عبداً شكوراً } يعني أن نوحاً كان كثير الشكر، وذلك أنه كان إذا أكل طعاماً أو شرب شراباً ولبس ثوباً قال: الحمد لله فسماه الله عبداً شكوراً لذلك. وقوله عز وجل { وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب }: يعني أعلمناهم وأخبرناهم فيما آتيناهم من الكتاب أنهم سيفسدون وهو قوله تعالى { لتفسدن في الأرض مرتين } وقال ابن عباس: وقصينا عليهم في الكتاب فإلى بمعنى على، والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ واللام في لتفسدن لام القسم تقديره والله لتفسدن في الأرض يعني بالمعاصي والمراد بالأرض أرض الشام، وبيت المقدس { ولتعلن } يعني ولتستكبرن ولتظلمن الناس { علواً كبيراً فإذا جاء وعد أولاهما } يعني أولى المرتين قيل: إفسادهم في المرة الأولى هو ما خالفوا من أحكام التوراة، وركبوا من المحارم وقيل: إفسادهم في المرة الأولى قتلهم شعياء في الشجرة وارتكابهم المعاصي { بعثنا عليكم عباداً لنا } يعني جالوت وجنوده، هو الذي قتله داود وقيل: هو سنحاريب وهو من أهل نينوى وقيل هو بختنصر البابلي وهو الأصح { أولي بأس شديد } يعني ذوي بطش وقوة في الحرب { فجاسوا خلال الديار } يعني طافوا بين الديار وسطها يطلبونكم ليقتلونكم { وكان وعداً مفعولاً } يعني قضاء كائناً لازماً لا خلف فيه { ثم رددنا لكم الكرة عليهم } يعني رددنا لكم الدولة والغلبة على الذين بعثوا عليكم، وحين تبتم من ذنوبكم ورجعتم عن الفساد { وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيراً } يعني أكثر عدداً { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم } يعني لها ثواباً وجزاء إحسانها { وإن أسأتم فلها } يعني فعليها إساءتها { فإذا جاء وعد الآخرة } يعني المرة الآخرة من إفسادكم وهو قصدكم قتل عيسى فخلصه الله منهم، ورفعه إليه، وقتلوا زكريا ويحيى عليهما السلام، فسلط عليهم الفرس والروم فسبوهم وقتلوهم وهو قوله تعالى { ليسوءوا وجوهكم } يعني ليحزنوكم وقرىء بالنون أي ليسوء الله وجوهكم { وليدخلوا المسجد } يعني بيت المقدس ونواحيه { كما دخلوه أول مرة } يعني وقت إفسادهم الأول { وليتبروا ما علوا تتبيراً } يعني وليهلكوا ما غلبوا عليه من بلاد بني إسرائيل إهلاكاً. ذكر القصة في هذه الآية قال محمد بن إسحاق: كانت بنو إسرائيل فيهم الأحداث والذنوب وكان الله في ذلك متجاوزاً عنهم ومحسناً إليهم وكان أول ما نزل بسبب ذنوبهم أن ملكاً منهم كان يدعى صديقة وكان الله إذا ملّك عليهم الملك بعث معه نبياً ليسدده ويرشده، ولا ينزل عليهم كتاباً إنما يؤمرون اتباع التوراة والأحكام التي فيها، فلما ملك صديقة بعث الله معه شعياء وذلك قبل مبعث زكريا ويحيى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8