الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } * { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } * { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } * { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } * { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } * { قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً } * { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }

قوله سحانه وتعالى: { وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة } أي بالموت والخراب { أو معذبوها عذاباً شديداً } أي بالقتل وأنواع العذاب إذا كفروا وعصوا، وقيل: الإهلاك في حق المؤمنين الإماتة وفي حق الكفار العذاب قال عبد الله بن مسعود: إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في هلاكها { كان ذلك في الكتاب } أي في اللوح المحفوظ { مسطوراً } أي مكتوباً مثبتاً. عن عبادة بن الصامت قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب فقال: ما أكتب: قال: القدر وما هو كائن إلى يوم القيامة إلى الأبد " أخرجه الترمذي. قوله سبحانه وتعالى { وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } قال ابن عباس " سأل أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهباً وفضة وأن ينحي الجبال عنهم ليزرعوا فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئت أن أستأني بهم فعلت وإن شئت أن أوتيهم ما سألوا فعلت، فإن لم يؤمنوا أهلكتهم كما أهلكت من كان قبلهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا بل تستأني بهم " فأنزل الله عز وجل { وما منعنا أن نرسل الآيات } أي التي سألها الكفار قومك { إلا أن كذب بها الأولون } أي فأهلكناهم فإن لم يؤمن قومك بعد إرسال الآيات أهلكناهم، لأن من سنتنا في الأمم إذا سألوا الآيات ثم لم يؤمنوا بعد إتيانها أن نهلكهم ولا نمهلهم وقد حكمنا بإمهال هذه الأمة إلى يوم القيامة، ثم ذكر من تلك الآيات التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها لما أرسلت فأهلكوا فقال تعالى { وآتينا ثمود الناقة مبصرة } أي بينة، وذلك لأن آثار إهلاكهم في بلاد العرب قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم { فظلموا بها } أي جحدوا أنها من عند الله. وقيل: فظلموا أنفسهم بتكذيبها فعاجلناهم بالعقوبة { وما نرسل بالآيات } المقترحة { إلا تخويفاً } أي وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً من العذاب، فإن لم يخافوا وقع عليهم. وقيل: معناه وما نرسل بالآيات يعني العبر والدلالات، إلا تخويفاً أي إنذاراً بعذاب الآخرة إن لم يؤمنوا فإن الله سبحانه وتعالى يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يرجعون. قوله عز وجل { وإذ قلنا لك } أي واذكر يا محمد إذ قلنا لك { إن ربك أحاط بالناس } أي إن قدرته محيطة بهم فهم في قبضته وقدرته لا يقدرون على الخروج من مشيئته وإذا كان الأمر كذلك فهم لا يقدرون على أمر من الأمور إلا بقضائه وقدره وهو حافظك ومانعك منهم، فلا تهبهم وامض لما أمرك من التبليغ للرسالة، فهو ينصرك ويقويك على ذلك { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } الأكثرون من المفسرين على أن المراد ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من العجائب والآيات.

السابقالتالي
2 3 4