الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً } * { قُلْ كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً } * { أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً } * { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً } * { رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } * { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } * { قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }

{ نحن أعلم بما يستمعون به } أي من الهزء بك وبالقرآن وقيل: معناه نحن أعلم بالوجه الذي يستمعون به وهو التكذيب { إذ يستمعون إليك } أي وأنت تقرآ القرآن { وإذ هم نجوى } أي بما يتناجون به في أمرك، وقيل: معناه ذوو نجوى بعضهم يقول: هو مجنون وبعضهم يقول هو كاهن وبعضهم يقول ساحر أو شاعر { إذ يقول الظالمون } يعني الوليد بن المغيرة وأصحابه { إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً } أي مطبوباً وقيل مخدوعاً وقيل: معناه أنه سحر فجن. وقيل: هو من السحر وهو الرئة، ومعناه أنه بشر مثلكم يأكل ويشرب قال الشاعر:
أرانا موضعين لأمر غيب ونسخر بالطعام وبالشراب   
أي يغذى بهما { انظر كيف ضربوا لك الأمثال } أي الأشباه فقالوا: ساحر شاعر كاهن مجنون { فضلّوا } أي في جميع ذلك وحاروا { فلا يستطيعون سبيلاً } أي إلى طريق الحق { وقالوا أئذا كنا عظاماً } أي بعد الموت { ورفاتاً } أي تراباً وقيل: الرفات هي الأجزاء المتفتتة من كل شيء تكسر { أئنا لمبعوثون خلقاً جديداً } فيه أنهم استبعدوا الإعادة بعد الموت والبلى. فقال سبحانه وتعالى رداً عليهم { قل } أي قل يا محمد { كونوا حجارة } أي في الشدة { أو حديداً } أي في القوة وليس هذا بأمر إلزام بل هو أمر تعجيزي أي استشعروا في قلوبكم، أنكم حجارة أو حديد في القوة { أو خلقاً مما يكبر في صدوركم } قيل: يعني السماء والأرض والجبال لأنها أعظم المخلوقات. وقيل: يعني به الموت لأنه لا شيء في نفس ابن آدم أكبر من الموت، ومعناه لو كنتم الموت بعينه لأميتنكم ولأبعثنكم { فسيقولون من يعيدنا } أي من يبعثنا بعد الموت { قل الذي فطركم } أي خلقكم { أول مرة } فمن قدر على الإنشاء قدر على الإعادة { فسينغضون إليك رؤوسهم } أي يحركونها إذا قلت لهم ذلك مستهزئين بما تقول { ويقولون متى هو } يعني البعث والقيامة { قل عسى أن يكون قريباً } أي هو قريب { يوم يدعوكم } أي من قبوركم إلى موقف القيامة { فتستجيبون بحمده } قال ابن عباس: بأمره وقيل بطاعته وقيل مقرين بأنه خالقهم وباعثهم ويحمدونه حين لا ينفعهم الحمد، وقيل: هذا خطاب مع المؤمنين فإنهم يبعثون حامدين { وتظنون إن لبثتم } أي في الدنيا وقيل في القبور { إلا قليلاً } وذلك لأن الإنسان لو مكث في الدنيا وفي القبر ألوفاً من السنين، عد ذلك قليلاً بنسبة مدة القيامة والخلود في الآخرة، وقيل: إنهم يستحقرون مدة الدنيا في جنب القيامة. قوله سبحانه وتعالى { وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن } وذلك أن المشركين كانوا يؤذون المسلمين، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل. وقل لعبادي يقولوا يعني للكفار التي هي أحسن، أي لا يكافئوهم على سفههم بل يقولون لهم يهديكم الله وكان هذا قبل الإذن في القتال والجهاد.

السابقالتالي
2 3