الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي سَخَّرَ ٱلْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { وَأَلْقَىٰ فِي ٱلأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَعَلامَاتٍ وَبِٱلنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } * { أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } * { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ } * { أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَآءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } * { إِلٰهُكُمْ إِلٰهٌ وَاحِدٌ فَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ } * { لاَ جَرَمَ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُسْتَكْبِرِينَ }

وقوله تعالى { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } يعني أن نعم الله على العبد فيما خلق الله فيه من صحة البدن وعافية الجسم، وإعطاء النظر الصحيح والعقل السليم، والسمع الذي يفهم به الأشياء وبطش اليدين وسعي الرجلين إلى غير ذلك مما أنعم به عليه في نفسه، وفيما أنعم به عليه مما خلق له من جميع ما يحتاج إليه من أمر الدين والدنيا لا تحصى حتى لو رام أحد معرفة أدنى نعمة من هذه النعم لعجز عن معرفتها وحصرها فكيف بنعمة العظام التي لا يمكن الوصول إلى حصرها لجميع الخلق فذلك قوله تعالى { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } يعني ولو اجتهدتم في ذلك وأتبعتم نفوسكم لا تقدرون عليه { إن الله لغفور } يعين لتقصيركم في القيام بشكر نعمته كما يجب عليكم { رحيم } يعني بكم حيث وسع عليكم النعم، ولم يقطعها عنكم بسبب التقصير، والمعاصي { والله يعلم ما تسرّون وما تعلنون } يعني أن الكفار مع كفرهم كانوا يسرون أشياء. وهو ما كانوا يمكرون بالنبي صلى الله عليه وسلم، وما يعلنون يعني، وما يظهرون من إيذائه فأخبرهم الله عز وجل أنه عالم بكل أحوالهم سرها وعلانيتها لا تخفى عليه خافية وإن دقت وخفيت، وقيل: إن الله سبحانه تعالى لما ذكر الأصنام وذكر عجزها في الآية المتقدمة ذكر في هذه الآية أن الإله الذي يستحق العبادة، يجب أن يكون عالماً بكل المعلومات سرها وعلانيتها، وهذه الأصنام ليست كذلك فلا تستحق العبادة ثم وصف الله هذه الأصنام بصفات فقال تعالى { والذين تدعون من دون الله } يعني الأصنام التي تدعونها آلهة من دون الله { لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون } فإن قلت: قوله سبحانه وتعالى في الآية المتقدمة أفمن يخلق كمن لا يخلق، يدل على أن هذه الأصنام لا تخلق شيئاً فقوله سبحانه وتعالى: لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون هذا هو نفس المعنى المذكور في تلك الآية فما فائدة التكرار؟ قلت: فائدته أن المعنى المذكور في الآية المتقدمة أنهم لا يخلقون شيئاً فقط والمذكور في هذه الآية أنهم لا يخلقون شيئاً وإنهم مخلوقون كغيرهم، فكان هذا زيادة في المعنى وهو فائدة التكرار { أموات } أي جمادات ميتة لا حياة فيها { غير أحياء } كغيرها، والمعنى لو كانت هذه الأصنام آلهة كما تزعمون لكانت أحياء غير جائز عليها الموت لأن الإله الذي يستحق أن يعبد هو الحي الذي لا يموت وهذه أموات غير أحياء، فلا تستحق العبادة فمن عبدها فقد وضع العبادة في غير موضعها.

PreviousNext
1 2 4