الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ أَتَىٰ أَمْرُ ٱللَّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُنَزِّلُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ بِٱلْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوۤاْ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱتَّقُونِ }

قوله سبحانه وتعالى: { أتى أمر الله } يعني جاء ودنا وقرب أمر الله تقول العرب: أتاك الأمر وهو متوقع المجيء، بعدما أتى، ومعنى الآية أتى أمر الله وعداً { فلا تستعجلوه } يعني وقوعاً بالمراد به مجيء القيامة. قال ابن عباس: لما نزل قوله سبحانه وتعالىاقتربت الساعة وانشق القمر } [القمر: 1] قال الكفار: بعضهم لبعض إن هذا الرجل يزعم أن القيامة قد قربت فامسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن، فلما رأوا أنه لا ينزل شيء قالوا: ما نرى شيئاً فنزل قوله تعالىاقترب للناس حسابهم } [الأَنبياء: 1] فأشفقوا فلما امتدت الأيام، قالوا: يا محمد ما نرى شيئاً مما تخوفنا به فنزل { أتى أمر الله } فوثب النبي صلى الله عليه وسلم ورفع الناس رؤوسهم، وظنوا أنها قد أتت حقيقة فنزل { فلا تستعجلوه } فاطمأنوا، والاستعجال طلب مجيء الشيء قبل وقته ولما نزلت هذه الآية قال النبي صلى الله عليه وسلم: " بعثت أنا والساعة كهاتين ويشير بأصبعيه يمدهما " أخرجاه في الصحيحين من حديث سهل بن سعد ق عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: " بعثت أنا والساعة كهاتين كفضل إحداهما على الأخرى، وضم السبابة إلى الوسطى " وفي رواية " بعثت في نفس الساعة فسبقتها كفضل هذه على الأخرى " قال ابن عباس: كان مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة ولما مر جبريل بأهل السموات مبعوثاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: الله أكبر قامت الساعة قال قوم: المراد بالأمر هنا عقوبة المكذبين وهو العذاب بالقتل بالسيف وذلك أن النضر بن الحرث قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك، فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فاستعجل العذاب فنزلت هذه الآية، وقلت النضر يوم بدر صبراً { سبحانه وتعالى عما يشركون } يعني تنزه الله وتعاظم بالأوصاف الحميدة عما يصفه به المشركون. قوله سبحانه وتعالى: { ينزل الملائكة والروح } يعني بالوحي { من أمره } وإنما سمي الأمر روحاً لأنه تحيا القلوب من موت الجهالات وقال عطاء: بالنبوة. وقال قتادة: بالرحمة. وقيل: الروح هو جبريل والباء بمعنى مع يعني ينزل مع الروح وهو جبريل { على من يشاء من عباده } يعني على من يصطفيه من عباده للنبوة، والرسالة وتبليغ الوحي إلى الخلق { أن أنذروا } يعني بأن اعلموا { أنه لا إله إلا أنا فاتقون } أي فخافون. وقيل: معناه مروا بقول لا إله إلا الله منذرين يعني مخوفين بالقرآن.