الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } * { وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ } * { فَمَآ أَغْنَىٰ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ } * { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }

{ وآتيناهم آياتنا } يعني الناقة وولدها والآيات التي كانت في الناقة خروجها من الصخرة وعظم جثتها وقرب ولادها وغزارة لبنها، وإنما أضاف الآيات إليهم وإن كانت لصالح، لأنه مرسل إليهم بهذه الآيات { فكانوا عنها } يعني عن الآيات { معرضين } يعني تاركين لها غير ملتفتين إليها { وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً آمنين } خوفاً من الخراب أو أن يقع عليهم الجبل أو السقف { فأخذتهم الصيحة } يعني العذاب { مصبحين } يعني وقت الصبح { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } يعني من الشرك والأعمال الخبيثة ق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: " لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي " قوله سبحانه وتعالى { وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق } يعني لإظهار الحق والعذاب، وهو أن يثاب المؤمن المصدق ويعاقب الجاحد الكافر الكاذب { وإن الساعة لآتية } يعني: وإن القيامة لتأتي ليجازى المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته { فاصفح الصفح الجميل } الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أي فأعرض عنهم يا محمد واعفُ عنهم عفواً حسناً. واحتمل ما تلقى من أذى قومك وهذا الصفح والإعراض منسوخ بآية القتال، وقيل فيه بُعد لأن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم، أن يظهر الخلق الحسن وأن يعاملهم بالعفو والصفح الخالي من الجزع والخوف { إن ربك هو الخلاق العليم } يعني أنه سبحانه وتعالى خلق خلقه، وعلم ما هم فاعلوه وما يصلحهم. قوله عز وجل { ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم } قال ابن الجوزي: سبب نزولها أن سبع قوافل وافت من بصرى وأذرعات ليهود قريظة والنضير في يوم واحد، فيها أنواع من البز والطيب والجواهر، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها في سبيل الله فأنزل الله هذه الآية. وقال: قد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه السبع القوافل ويدل على صحة هذا قوله { لا تمدّن عينيك } الآية قال الحسن بن الفضل قلت وهذا القول ضعيف أو لا يصح لأن هذه السورة مكية، بإجماع أهل التفسير وليس فيها من المدني شيء. ويهود قريظة والنضير، كانوا بالمدينة وكيف يصح أن يقال إن سبع قوافل جاءت في يوم واحد، فيها أموال عظيمة حتى تمناها المسلمون فأنزل الله هذه الآية، وأخبرهم أن هذه السبع آيات هي خير من هذه السبع القوافل والله أعلم، وفي المراد بالسبع المثاني أقوال أحدها أنها فاتحة الكتاب، وهذا قول عمر وعلي وابن مسعود وفي رواية عنه وابن عباس، وفي رواية الأكثرين عنه وأبي هريرة والحسن، وسعيد بن جبير وفي رواية عنه ومجاهد وعطاء وقتادة في آخرين.

السابقالتالي
2 3 4