الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤرَ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ } * { رُّبَمَا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ } * { ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ ٱلأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

قوله سبحانه وتعالى: { الرَ تلك آيات الكتاب وقرآن مبين } تلك إشارة إلى ما تضمنته السورة من الآيات والمراد بالكتاب وبالقرآن المبين: الكتاب الذي وعد به الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وتنكير القرآن للتفخيم، والتعظيم والمعنى تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتاباً، وفي كونه قرآناً وأي قرآن كأنه قيل: الكتاب الجامع للكمال والغرابة في البيان وقيل: أراد بالكتاب التوراة والإنجيل، لأن عطف القرآن على الكتاب والمعطوف غير المعطوف عليه وهذا القول ليس بالقوي، لأنه لم يجر للتوراة والإنجيل ذكر حتى يشار إليهما. وقيل: المراد بالكتاب القرآن وإنما جمعهما بوصفين وإن كان الموصوف واحداً لما في ذلك من الفائدة وهي التفخيم والتعظيم، والمبين الذي يبين الحلال من الحرام، والحق من الباطل { ربما } قرىء بالتخفيف والتشديد وهما لغتان ورب للتقليل وكم للتكثير، وإنما زيدت ما مع رب ليليها الفعل تقول رب رجل جاءني وربما جاءني زيد وإن شئت جعلت ما بمنزلة شيء كأنك قلت رب شيء فتكون المعنى رب شيء { يود الذين كفروا } وقيل: ما في ربما بمعنى حين أي رب حين يود يعني يتمنى الذين كفروا لأن التمني هو: تشهي حصول ما يوده، واختلف المفسرون في الوقت الذي يتمنى الذي كفروا { لو كانو مسلمين } على قولين أحدهما: أن ذلك يكون عند معاينة العذاب وقت الموت فحيئنذ يعلم الكافر أنه كان على الضلال، فيتمنى لو كان مسلماً، وذلك حين لا ينفعه ذلك التمني. قال الضحاك: هو عند حالة المعاينة والقول الثاني: إن هذا التمني يكون في الآخرة، وذلك حين يعاينون أهوال يوم القيامة وشدائده وما يصيرون عليه من العذاب فحينئذ يتمنى الذين كفروا لو كانوا مسلمين. وقال الزجاج: أن الكافر كلما رأى حالاً من أحوال العذاب ورأى حالاً من أحوال المسلم ود لو كان مسلماً وقيل إذا رأى الكافر أن الله تعالى يرحم المسلمين، ويشفع بعضهم في بعض حين يقول: من كان من المسلمين فليدخل الجنة فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين والقول المشهور أن ذلك التمني حين يخرج الله المؤمنين من النار عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة قال الكفار لمن في النار من أهل القبلة: ألستم مسلمين؟ قالوا: فما أغنى عنكم إسلامكم وأنتم معنا في النار. قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها فيغفرها الله لهم بفضل رحمته فيأمر الله بكل من كان من أهل القبلة في النار، فيخرجون منها فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين " ذكره البغوي بغير سند، وكذا ذكره ابن الجوزي وقال: وإليه ذهب ابن عباس في رواية عنه عن أنس بن مالك ومجاهد وعطاء وأبو العالية وإبراهيم يعني النخعي.

السابقالتالي
2