الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ مَنِ ٱسْتَرَقَ ٱلسَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ } * { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } * { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ } * { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ } * { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ }

{ إلا من استرق السمع } هذا استثناء منقطع، معناه لكن من استرق السمع { فأتبعه } أي لحقه { شهاب مبين } والشهاب شعلة من نار ساطع سمي الكوكب شهاباً لأجل ما فيه من البريق شبه بشهاب النار، قال ابن عباس في قوله إلا من استرق السمع: يريد الخطفة اليسيرة، وذلك أن الشياطين يركب بعضهم بعضاً إلى السماء يسترقون السمع من الملائكة فيرمون بالكواكب، فلا تخطىء أبداً فمنهم من تقتله، ومنهم من تحرق وجهه أو جنبه أو يده، أو حيث يشاء الله ومنهم من تخبله فيصير غولاً يضل الناس في البوادي خ عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم؟ قالوا: الذي قال الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترقو السمع، ومسترقو السمع هكذا بعضهم فوق بعض، ووصف سفيان بكفه فحذفها، وبدد أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب، قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة، فيقال له: أليس قال لنا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء " اختلف العلماء هل كانت الشياطين ترمى بالنجوم قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا على قولين: أحدهما أنها لم تكن ترمى بالنجوم، قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ظهر ذلك في بدء أمره فكان ذلك أساساً لنبوته صلى الله عليه وسلم ويدل على صحة هذا القول ما روي عن ابن عباس قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين، وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب. أخرجاه في الصحيحين. فظاهر هذا الحديث يدل على أن هذا الرمي بالشهب لم يكن قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم فلما بعث حدث هذا الرمي. ويعضده ما روي أن يعقوب بن المغيرة بن الأخنس بن شريق قال: أول من فزع للرمي بالنجوم هذا الحي من ثقيف، وأنهم جاؤوا إلى رجل منهم يقال له: عمرو بن أمية أحد بني علاج وكان أهدى العرب فقالوا له: ألم تر ما حدث في السماء من القذف بالنجوم؟ فقال: بلى. ولكن انظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر ويعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس من معايشهم هي التي يرمى بها فهو والله طي الدنيا وهلاك الخلق الذين فيها وإن كانت نجوماً غيرها وهي ثابتة على حالها فهذا الأمر أراده الله من الخلق قال الزجاج: ويدل على أنها كانت بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم أن شعراء العرب الذين ذكروا البرق، والأشياء المسرعة لم يوجد في شعرهم ذكر الكواكب المنقضة فما حدثت بعد مولده صلى الله عليه وسلم، استعملت الشعراء ذكرها قال ذو الرمة:

السابقالتالي
2 3 4 5