الرئيسية - التفاسير


* تفسير لباب التأويل في معاني التنزيل/ الخازن (ت 725 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ ٱلثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي ٱلْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلأَنْهَارَ } * { وَسَخَّر لَكُمُ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ } * { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } * { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِناً وَٱجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأَصْنَامَ } * { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { رَّبَّنَآ إِنَّيۤ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }

قوله عز وجل: { الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج من الثمرات رزقاً لكم } اعلم أنه تقدم تفسير هذه الآية في مواضع كثيرة، ونذكر هاهنا بعض فوائد هذه الآية الدالة على وجود الصانع المختار القادر الذي لا يعجزه شيء أراده، فقوله تعالى: الله خلق السموات والارض، إنما بدأ بذكر خلق السموات والأرض، لأنها أعظم المخلوقات الشاهدة الدالة على وجود الصانع الخالق القادر المختار وأنزل من السماء ماء يعني من السحاب سمي السحاب سماء لارتفاعه مشتق من السمو، وهو الارتفاع وقيل إن المطر ينزل من السماء إلى السحاب ومن السحاب الى الأرض فأخرج به أي بذلك الماء من الثمرات رزقاً لكم، والثمر اسم يقع على ما يحصل من الشجر. وقد يقع على الزرع أيضاً بدليل قوله: كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده وقوله: من الثمرات بيان للرزق أي أخرج به رزقاً هو الثمرات { وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره } لما ذكر الله سبحانه وتعالى إنعامه بإنزال المطر، وأخراج الثمر لأجل الرزق والانتفاع به ذكر نعمته على عباده بتسخير السفن الجارية على الماء، لأجل الانتفاع بها في جلب ذلك الرزق الذي هو الثمرات، وغيرها من بلد إلى بلد آخر. فهي من تمام نعمة الله على عباده { وسخر لكم الأنهار } يعني ذللها لكم تجرونها حيث شئتم، ولما كان ماء البحر لا ينتفع به في سقي الزروع والثمرات ولا في الشراب أيضاً ذكر نعمته على عباده في تسخير الأنهار، وتفجير العيون لأجل هذه الحاجة، فهو من أعظم نعم الله على عباده { وسخر لكم الشمس والقمر دائبين } الدأب العادة المستمرة دائماً على حالة واحدة ودأب في السير داوم عليه، والمعنى أن الله سخر الشمس والقمر، يجريان دائماً فيما يعود إلى مصالح العباد لا يفتران إلى آخر الدهر، وهو انقضاء عمر الدنيا وذهابها. قال ابن عباس: دؤبها في طاعة الله عز وجل. وقال بعضهم: معناه يدأبان في طاعة الله أي في مسيرهما وتأثيرهما في إزالة الظلمة وإصلاح النبات والحيوان لأن الشمس سلطان النهار وبها تعرف فصول السنة والقمر سلطان الليل، وبه يعرف انقضاء الشهور وكل ذلك بتسخير الله عز وجل، وإنعامه على عباده وتسخيره لهم { وسخر لكم الليل والنهار } يعني يتعاقبان في الضياء والظلمة والنقصان، والزيادة وذلك من إنعام الله على عباده وتسخيره لهم { وآتاكم من كل ما سألتموه } لما ذكر الله سبحانه وتعالى النعم العظام التي أنعم الله بها على عباده وسخرها لهم بين بعد ذلك، أنه تعالى لم يقتصر على تلك النعم بل أعطى عباده من المنافع والمرادات ما لا يأتي على بعضها العد والحصر.

السابقالتالي
2 3 4 5 6